تامسومانت انرز
مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ
نماذج شعرية لشعراء مخشونيين
الخميس, مايو 31, 2018
توطئة
الإنسان المخشوني، كغيره من بني جلدته، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، مولع بالشعر. وإليه يلجأ للتعبير عما يخالج صدره ويشغل تفكيره. وقد بلغ فيه شأوا كبيرا مما أهله ليكون في غير ما مرة المدافع عن سمعة القبيلة. ومن أبرز الشواهد في هذا المجال، ما جرى في موسمي سيدي علي بن يحيى شتنبر 1952 وشتنبر 1953 حيث وقف في وجه طغيان فرع من فروع قبيلة مجاورة استغل نفوذه آنذاك لدى بعض المقربين من القائد سعيد أمحند للتطاول ومحاولة فرض الهيمنة في المجال الفني المعروف في المنطقة وهو رقصة “أحيدوس” وما يصاحبها من أشعار.
ولا زال العديد من الناس يستحضرون المحاورات الشعرية التي تمت بين أيت مخشون، ممثلين في كل من المرحومين السيدين محمد بن علا أفتيس والحسين بن علي إجروساون، والسيد محمد بن عقى، بارك الله في عمره، وغرمائهم المرحومين، السادة محند أحمد، ولحسن السفير، وعلي ألحاج، ومحند نمامة. ولا زالوا منتشين بذلك الانتصار الذي وضع حدا لهيمنة الفرع السالف الذكر ويتغنون بالدرر الشعرية التي صيغت في تلك المناسبة. ومن تلك الدرر نقتبس ما يلي:
أيت مخشون:
تْسْلِيمْ لْسَاسْ أَيْثْيَ وْنَّتِرْزَانْ إِوْيْرَاوْ * مْقَارْ إِسْعَلَّ لْبْنِ أَوَوْرْدَچِّدْنْ أَدِمْيْرَازْ
(طلب المباركة ودعوات الخيرأساس لكل عمل، لا يندم من طلبها من الحضور * فمهما علا بناؤه لا يتصدع).
الفرع الغير السغروشني:
أَيُلِّنْوْ نَّيْزْرِينْ أَوَمَخَدْرْخْ ثِصْضْوِينْ * قْبَلْ أَدِشْجَمْ أُمِسَ أَوَرِيخْ أَدَسْعَشِّيخْ لْمَالْ
(مرت أغنامي فَلِمَ أبالي بالحواجز * قبل الرواح سأنوب عن الراعي لرعاية القطيع).
أيث مخشون:
نُوِي لَثْرْ أَلِغْرْمَانْ أَوِ مِيْحَدَّ يْلْبَابْ * أَدِخَلْصْ نْخِزْرْيِيثْ أوَنْخِچَّالْ مْشِزْكَّ
(تتبعت الأثر إلى المساكن وعلى من وقف عند بابه * أن يؤِدي أو أن يدل على اتجاهه أو يؤدي اليمين إن تأكد من صدقه).
الفرع الغير السغروشني:
أَوَلَثْرْ نَّيْزْلاَشْ أَوَچُّدْخْ أَدِفْغْ تِحْلاَّلْ * بَحْرَ ثِزْيَرْث أَيْثْيِيثْ أَوَچُّدْخْ أَدُرْتَمْثَاتْ إِضَ.
(ضللك الأثر وأخاف أن يكون كذبا * طولت المسار فقط وأخاف أن تلقى اليوم حتفك).
أيت مخشون:
نْيَ طَالْبْ نْرَلْحْلاَلْ أَوَ لْحْرَامْ أُرْدَثُرْزُّوخْ * زْرْيِ لاَثْرْ أَيِمْعْمِ أَوَ خَدْ إِلَّ لْحَقِّنْوْ دِيشْ؛
(نحن حاملوا كتاب الله نريد الحلال ولا نبتغي الحرام * إما أن تبرأ نفسك وتدلني على اتجاه الأثر أو أن تدعن للحق وتؤديه).
ثَرَّ سَّعْثَ مَچْزْرِينْ أَوَ نُفْ أَدِينْ خْفْ نُرْزُّ * عْدَّنِشْهُودْ أُنْچِّيدْ أَوَمْقَارِ إِنْشَرْنْ إِشْفَّارْنْ؛
(فاق هذا الوقت غيره مما فات ووجدت ما أبحث عنه * تعدد شهودي ولا أبالي إن أنكر السراق).
ثَنْسِيثْ أَلْحَقْ إِلْعْدِيمْ أَوَأَجدِّسْ إِيَ مَرْوَاسْ * يُسِشْ أَرْحِيلْ إِرْوْلِيسْ أَهَيُجُّ يِسْمَانْ إِشَرْوَانْ.
(تَلَبَّسَ الحق ( ما يطلب) بعديم المروءة فأصبح مدينا به * هرب بمتاعه وترك الجديان في المرعى).
وبطبيعة الحال، فالأبيات الشعرية السالفة كلها رموز وإيحاءات يستشف منها أن أيت مخشون يتهمون الفريق الآخر بشيء ما ويحاولون جاهدين إرغامه على الاعتراف بالتهمة. في حين يعمل خصومهم على نفي التهمة بكل ما أوتوا من قوة.
وقد خرج الفريق الممثل للقبيلة من تلك المحاورات منتصرا مرفوع الرأس. وبفوزه انتصرت كل القبيلة وانهار صرح الهيمنة المفروضة ولم تقم له قائمة بعد ذلك. إلا أن إرادة الله قد قدرت ما لم يكن في الحسبان. فقد شاءت أن تجمع بعد حوالي ثلاثة عقود اثنين ممن كانا ضمن الفريقين المتنافسين السالفي الذكر وهما، السيد لحسين بن علي إجروساون من أيت مخشون، والسيد محند أحمد من الفرع المذكور، وذلك في ليلة فنية “أحيدوسية” بمشاركة فعاليات من مختلف القبائل الأمازيغية. وقد كان ذلك في مدينة فاس في نهاية سبعينيات أو بداية ثمانينيات القرن العشرين الميلادي أثناء الاحتفال بإحدى المناسبات الوطنية. واللقاء هذه المرة لم يكن من أجل المبارزة لمحاولة فرض “الهيمنة” الشعرية، ولكن للمنافسة من أجل تمثيل إقليم بولمان أحسن تمثيل تجاه الأقاليم الأخرى. وما أن بدأت السهرة الفنية وأدلى كل شاعر بدلوه، حتى تم الاجماع على التسليم للمرحوم السيد الحسين بن علي إجروساون ومن يساعده في ترديد الأبيات لتنشيط تلك الليلة برقصاتها الأحيدوسية على أوزان ما تصدح به حنجرته. ولم يكن لبصل إلى ذلك لولا عبقريته في اختيار الكلمات المناسبة لكل حدث. وحيث أن المناسبة وطنية فقد ارتأى أن يركز في أشعاره على مواضيع ذات طابع وطني وحمولة وحدوية. و بحسب ما أفادني به إبن أخيه السيد محمد بن يوسف المشرع، الذي كان أقرب الناس إليه في تلك المناسبة، أن ” لْغَ” أي اللازمة المختار لتلك الليلة هو كما يلي:
أَوَيْوَآآآ يَوا أَيِثْيِيثْ أَيُلْ
(أَوَيْوَآآآ يَوا لازمة شعرية أي ما يتكرر ليشكل قالبا ولحنا للرقصة. وهوعبارة عن تأوه وحسرة وشكوى مما يجده الشاعر بصفة خاصة والمتغني بالأغنية بصفة عامة من قلبه. أوبمعنى آخر، فهونداء حسرة للقلب وملامة على ما يصدر عنه).
ومما قاله في تلك المناسبة، ما يلي:
أَوَيْوَآآآ يَوا أَدَّانْدْ سِفَرَا أَسِيدِي خُفُسْنُّونْ أَوَيْوَآآآ يَوا أَيِثْيِيثْ أَيُلْ
( … أتى الفراء يا سيدي على أيديكم …)
أَوَيْوَآآآ يَوا أَلَسْنْ إِتَرْحَابْ لْمَغْرِبْ أَفْنْ كُلْ لْخِيرْ أَوَيْوَآآآ يَوا أَيِثْيِيثْ أَيُلْ
(… فرحب بهم المغرب ووجدوا فيه كل خير…)
أَوَيْوَآآآ يَوا أَدِهْدُ رْبِّي إِمْغْرَبِينْ أَنْمْصْبَارْ أَوَيْوَآآآ يَوا أَيِثْيِيثْ أَيُلْ
(… اللهم الهم المغاربة الصبر فيما بينهم…)
أَوَيْوَآآآ يَوا أَدُدْفُورْ نِّضَامْ إِضَ لِّيْدِبَانْ أُسِيدْ أَوَيْوَآآآ يَوا أَيِثْيِيثْ أَيُلْ.
(… فليتشبثوا بالنظام وليلتزموا به اليوم أكثر بعدما انبلج الصبح ولاح الضياء…)
وكما كان معروفا فقد تناول المرحوم السيد الحسين بن علي إجروساون، وهوبالمناسبة إبن عائلة شاعرة، حيث كان أبوه شاعرا وعمته شاعرة، كل الأصناف الشعرية المعروفة من غزل ومدح وهجاء ورثاء وحكم وشعر ” سياسي” ووطني وديني وألغاز…
وفيما يلي مقتطفات من أشعاره على أن نقوم، إن شاء الله، بتعزيزها بمقتطفات أخرى كلما تمكنا من الحصول عليها ممن يحفظن أشعاره:
بمناسبة موسم سيدي لحسن سنة 1975:
لغ: أَوَآآآ أَوَلَدَنْ نُجْلِّيدْ أَيْتَرْجِيخْ،أَوَآآآ أُمَصْحْرَ تَمَازِيرْثِنُو
( انتبه يا هذا، لا أنتظر فقط إلا إذن الملك، أما الصحراء فهي أرضي…)
اَوَآآآ يَوَا وْنَّاسْ إِيِينْ إِخْفْ إِيِزْمْ يُغْنَّشِ إِضَعَاسْ أَمُّيُويُو دِثْحَرَّاتْ
(…من وضع النير على رأس الأسد فيطيعه مثلما يطيع الثور صاحبه حينما يحرث به )
اَوَآآآ أَوَا أَمِتَرْخْ أَدِتَرْ إِمُلاَنَا سْثَرْ أَضِقْضُوا أَسْكِينَنْسْ إِبُوزْيَارِيثْ
( أرجو أن يطلب من الله الستروقضاء حاجة الزائر)
نْدَّادْ أَسِيدِي لْحْسَنْ أَكْنْزُورْ أُفِيخْ إِثْوَثَنُّونْ لْفَضْلْ أَبُلْبَرْهَانْ
(جئنا لزيارتك يا سيدي لحسن لِمَا وجدنا في المجيئ إليك من فضل يا صاحب الكرامات)
هَانْ أَتْهْوِيثْ إِيْنْجْدَ دِبِّينْ كَدَا يْبَرْدَانْ أَدَوِنْ أَدِينْ خَرْزَانْ
(إياك أن تتهاون واعتن بالظيوف الذين قطعوا مسافات شاسعة بغرض الظفر بما يرتجون)
لغ: أَهَآوَآ وَثَيْمَاتْ نْيُونْ أُورِلِّ لْعِبْنْسْ آوَا
(إنتباه أخوة أيا كان لا يقبل إعابتها )
إِلَّدِيِي شَيْغَنْشَ مَشَ يْدْرُوسْ وَخَّنْسْحِيحِيْ شَيِصْ أُرِسْجْنِيخْ
( أنتابتني وعكة ولكنها خفيفة وعلى الرغم من التنهد فلم التزم الفراش)
إِيَانْ جِّيشْ أَفْرَاجْ أَوَنْ إِلِحْدُودْ أَيَيْلِّيدْ أَشَمْ دُّسَرْسْ أَنْزْوُومْ
(شكل الجيش سياجا وراء الحدود إذهب وارتاح يا مليكنا ولا تضرب أي حساب)
زِّلَنْثْ أَلُقْثْ أُلاَ مَمْنْتْعْيَابْ وُدِينْ أُرِصِّينْ دْشِّطَانْ أَيْدْيَانْ
(راق الزمان وما فيه ما يعاب فمن أبى أن يفرح فهو شيطان)
شوف أيدنترعاب بنادم أرجين إكين ثمزييدا ي داند أدزالن دلخوضبن أدزوور إلمام طالب أرثن إيي يا
أيعري ورياز إزيل غربي ثرمث ألعبادنس إصف وبريدنس إل سباب أمورنس إحضاث إياش أيفراج وريناس
إلازم أنمسال دومد أندو أثيمات يون أدورتبيم أدار لاجر أكيتاوي ويدتحيون إدامننس وخ يبضان إميزار
لغ: أَوَ زِّينْ آوَا (إيقاع خفيف)
أَوَ زِّينْ آوَا سو أبويرفي ثعاوت أَوَ زِّينْ آوَا
أَوَ زِّينْ آوَا ثفيث أغبالوا يسمضناو أَوَ زِّينْ آوَا
في إيمزار مرموشة في إطار ما يعرف بـــ”بوجلود” عيد الأضحى 1975 في منزل المرحوم مولاي إدريس بوزاويث :
أَوَ زِّينْ آوَا نويد أبريد أرنحيل أَوَ زِّينْ آوَا
أَوَ زِّينْ آوَا دلعادنو أيدييوين أَوَ زِّينْ آوَا
أَوَ زِّينْ آوَا مميس إزم إد دبدلن أَوَ زِّينْ آوَا
أَوَ زِّينْ آوَا كيون إضفور أضبعنس أَوَ زِّينْ آوَا
أما في المكان المعروف ب” لمشثى” في إسوشا، فقد كان مسك الختام لليلة فنية أحيدوسية” تم إحياؤها بمناسبة عرس من توقيعه. وقد كان ذلك كما أتذكر مع بزوغ فجر اليوم الموالي وفي خضم استعداد الناس لصلاة الصبح. فقال مذكرا على الخصوص من يهم للصلاة بضرورة الدعاء ل” أجليد” أي الملك وهو ولي الأمر فقال:
أَوَ زِّينْ آوَا أونيتعبادن لفجر أَوَ زِّينْ آوَا
أَوَ زِّينْ آوَا دعوم إوجل صنصر أَوَ زِّينْ آوَا
أما عند إجروساون محمد بأيت مخشون وبمناسبة الحفل المقام سنة 1975 بعد الانتهاء من بوجلود فقد قال عدة أشعار لم أستطع توثيق إلا البيت التالي:
لغ: أَوآ وَلْعَارْنْشْ أَزِّينْ أَوْيْ إِيمُرَاجَنْشْ آوَ
أهاوورثقيم أزين عنقزيي ثرويد إشيبان أَوآ وَلْعَارْنْشْ أَزِّينْ أَوْيْ إِيمُرَاجَنْشْ آوَ أهاولقث زرييي ثيري تحداجنث إثبولفريزا أَوآ وَلْعَارْنْشْ أَزِّينْ أَوْيْ إِيمُرَاجَنْشْ آوَ
وقال بمناسبة ما يعرف بـــ” لهدياث” في عرس أيت ميمون أحمو بإيمزار مرموشة في بداية الستينيات صحبة المرحوم محمد بن علا أفتيس في حوار شاعري مع شاعر من أيت عثمان بخصوص موضوع الموت:
لغ: أَوَآآآ يَوَآ
شاعر من أيت عثمان:
أَوَآآآ إد لخامس إد عدي يان سين أَوَآآآ يَوَآ
أَوَآآآ إلاحج لبكاي أشعب إد أتروث أَوَآآآ يَوَآ
السيد الحسين بن علي إجروساون السيد محمد بن علا أفتيس:
أَوَآآآ وَدان لنبيا ميثنين إران أَوَآآآ يَوَآ
أَوَآآآ أيحيوض نثسرجيج لموث أَوَآآآ يَوَآ
وقد تطور الأمر بعدما انتهت ” فترة لهديات” وجاءت فترة المساء حيث انخرط الكل في رقصات أحيدوس إلى تراشق بالأشعار لم يتم الانتهاء منها إلا بعدما أجهزا على خصميهما بالبيت التالي:
أوَا نك أمنعاش أيدييخ آوَآوَآيَوَآ أضوَ وردي لخوف إمتين أوَا
أَوَمي أمشك أيسيخ آوَآوَآيَويوا خثاداوث ألسنضال أوَا.
كما قال في عرس أخر في تاريخ أخر وفي مكان آخر مخاطبا شبانا متنازعين حول ” بنت الهوى” :
لغ: غير موثق.
يان أيثبولرهان إير دلخصوم لتمحايرن خف أين ورلين
أييزار إمحيار خف أبطان إد ويسوم جماس أدور إوسليخ.
وقال في عرس آخر حضرته أنا أيضا في دوار “إدلان” التابع لفرقة أيت أمار من فروع قبائل مرموشة في جلسة شاي في انتظار وجبة الغذاء على إيقاع خفيف لم أتذكر مع الأسف ” لغ” المتغنى به:
ونينان إسن إوتي إعدل إبوطير
بوخمس ننجوم إعدل أبراد إخفنس.
( يتبع)
الأشعار
ثمسومنث لتوثيق ما يمكن من الأشعارالمخشونية أو المتداولة في الفضاءات المخشونية، فعلى غرار ما في أغلب المجتمعات المغربية، يتسم المنتوج الفكري المخشوني بطابعه الشفهي، الذي يعتمد في نشره على السماع وفي حفظه على الذاكرة . ولكن للأسف، لم تعد هذه الوسيلة تؤدي نفس الدور الذي كانت تضطلع به في الماضي، مما يشكل تهديدا جديا لهذا التراث الإنساني الذي تتدهور وضعيته سنة بعد أخرى.