الموقع الجغرافي:
يعد دوار أيت مخشون من الدواوير العديدة المتفاوتة العدد التي تؤثث فضاء الأطلس المتوسط وبالضبط في مجاله الشرقي بين سلسلتي “تِشِكْتْ، التي تبلغ أعلى قمة فيها، وهي قمة جبل ” لَلاَّ مْلْبَانْتْ”، 2796 مترا عن سطح البحر، و”بُيْبْلاَنْ” الشهيرة .
وبحسب المعطيات الخرائطية المتفرة ضمن خدمة» چوچل إرث « Google Earth ، يتواجد هذا الدوار بين خطوط الطول والعرض 33°27’01.66’’ -33°29’98’’ شمالا و4° 41’ 35’’ – 4°46’80’’ غربا، ويتراوح ارتفاعه عن سطح البحر بين حوالي 1213 مترا في أسفل مزارع “لْقْسْمَاتْ” و1587 مترا عند قمة جبل “بُيْمْلاَلَنْ”. في حين يصل هذا الارتفاع عند الجسر المعلق 1239 مترا. وعند قمة “ثِشُّوثْ نْثْفْرَانْ” 1419 مترا.
وهو يتبع إداريا للجماعة القروية للمرس التي تدخل في المجال الترابي لقيادة سكورة، دائرة بولمان، إقليم بولمان بالمملكة المغربية. هذه الجماعة التي تعد قرية المرس مركز ها الإداري والاقتصادي، والتي تمر عبرها الطريق الإقليمية رقم 5109، الرابطة بين سكورة وسرغينة.
ويرنبط دوار أيت مخشون بقرية المرس بمسلك للسيارات غير معبد بطول 6 كيلومترات. ذلك المسلك الذي شق بسواعد محلية في عهد الاستعمار حوالي 1946 ميلادية في إطار الاستعداد لبناء القنطرة المعروفة بقنطرة أيت مخشون على وادي “لْمَحْصَرْ”. تلك القنطرة التي أنجزت بين سنتي 1948 و 1953 ميلادية، والتي ظلت الوحيدة في المنطقة لمدة طويلة إلى أن جرفتها مياه ذلك الوادي في 10 اكتوبر 2008، وبالتالي ترك ساكنة ظفته اليمنى في عزلة تامة.
كما تم ربط دوار أيت مخشون شرقا، ومنذ صيف 2013 ، بالطريق الإقليمية رقم 5049 الرابطة بين إسوكا وأدرج عبر تلمرات، ثم نحو وجهات متعددة وخاصة مدينة صفرو، بواسطة مسلك آخر للسيارات غير معبد كذلك على طول 6 كيلومترات.
و الجدير بالذكر، أن إنجاز هذا المسلك الأخير قد تم تحت شعار ما يعرف بـــ”فك العزلة” عن المناطق المعزولة، الذي يعد مكونا من مكونات برامج” المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”.
إضافة إلى المسلكين السالفي الذكر، يرتبط دوار أيت مخشون بمحيطه القريب والمتوسط والبعيد بعدة سبل كانت تستعمل منذ القديم لتيسير تنقل البشر والدواب في مختلف الاتجاهات. وهي تشكل صلة وصل بينه وبين:
– شرقا، دوارا “إِدْلاَنْ” و”إِسُشَا /إسوكا”، اللذين ينتميان إداريا لجماعة أيت ألمان التابعة لبلدية إيموزار مرموشة، ومن ثم إلى السوق الأسبوعي بإيموزار مرموشة يوم الثلاثاء؛
– وجنوبا، دوار أيت أحمد (تاغزوت)؛
– وغربا، دوار أيت يوسف (تاغيت) ومن تم نحو بلدة سكورة لقضاء مآرب إدارية أو للتسوق من سوقها ألأسبوعي الذي يلتئم كل يوم الأربعاء، وكذلك في نفس الاتجاه تقريبا نحو قرية المرس لقضاء مآرب إدارية أوللتسوق هي الأخرى من سوقها الأسبوعي الذي ينغقد كل يوم
– وشمالا، دوار ” أَيْرْزِي” ومن ثم إلى أيت يوسف أحدو وغير ذلك من الاتجاهات. وفي نفس الاتجاه تقريبا نحو “السَّارِيجْ” ، ومن هناك إلى أيت “لْمَانْ”.
المناخ والتضاريس والموارد المائية:
بحكم موقعه الجغرافي، فإن مناخ دوار أيت مخشون يغلب عليه الطابع القاري الذي، كما هو معلوم، يكون شتاؤه قارسا وصيفه حارا. ودون الدخول في التفاصيل، فقياسات المحرار قد تنزل إلى ما دون الصفر وقد ترتفع لتتجاوز الأربعين درجة.
أما بخصوص التضاريس، فإن المنطقة تتشكل من مرتفعات على شكل هضاب وتلال تتخللها شعاب ومنحدرات وأخاديد متوسطة أو شديدة العمق نحتتها مياه الجداول المتدفقة من العيون المتعددة والسيول الناتجة عن مياه الأمطار الرعدية التي عرفتها المنطقة على مر العصور.
وإذا كان صبيب الجداول ما فتئ يتراجع سنة بعد سنة إلى درجة أن جزءا من تلك المجاري المائية قد غار وجف ماؤه عن آخره نتيجة لقلة التساقطات المطرية والثلجية المنتظمة، فإن نشاط السيول، على العكس من ذلك، قد ازدادت حدته في العقود الأخيرة. ومرد ذلك أساسا إلى ارتفاع وتيرة الأمطار الرعدية الجارفة نتيجة تراجع الغطاء النباتي والنشاط الفلاحي بفعل تناقص التساقطات المطرية والثلجية. وإذا استمر الأمر على هذا المنوال، فمن غير المستبعد أن تصبح المنطقة في يوم من الأيام صحراء قاحلة.
ومن المرتفعات المشهورة بمنطقة أيت مخشون “ثِشَّاوْ/جبال ” من جهة الشرق، مرتفع أو جبل ” بُيْمْلاَلَنْ”، أي صاحب الغزلان، الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر حوالي 1580 مترا. ومن جهة الشمال الغربي، مرتفع “ثِشُّوثْ نْثْفْرَانْ”، الذي يعلو بدوره عن مستوى البحر بحوالي 1420 مترا. ومن جهة الغرب، مرتفع ” ثِشُّوثْ نْثَغْزُوتْ/ جبل تغزوت (تغزوت مكان معروف بعين المكان). ويبلغ هذا المرتفع حوالي 1320 مترا. كما توجد مرتفعات أخرى لا تقل شهرة مثل مرتفع “ثَوْرِيرْثْ ثَمْقْرَانْثْ”، و “أُولْ أُيَزِيضْ/ قلب الديك”، و” ثِشُّوثْ وَّمَّاسْ/ المرتفع أو الجبيل الأوسط”، وتبلغ ارتفاعاتها على التوالي، حوالي 1380 و1400 و 1280 مترا.
وفيما يتعلق بالثروة المائية الخاصة بالمنطقة، يعتبر وادي “المحصر” أو “المعصر” أو” سرغينة” أو “تامغيلت”، وما إلى ذلك من الأسماء التي تطلق على الوادي الذي يخترق دوار أيت مخشون، المورد المعين والرئيسي لسد حاجيات السكان من الري وتوريد المواشي. كما يعد كذلك ولاشك بالنسبة لباقي الحيوانات والطيور سواء الوحشية أو الداجنة. وكما هو معلوم، فهذا الوادي من أهم الروافد العليا لوادي سبو. وتتوزع منابعه على العيون والجداول التي تتواجد على الواجهة الشرقية لسلسلة جبال “تشكت” والجهة الغربية للمرتفعات الواقعة بين هذه السلسة وسلسلة جبل “بويبلان”. ومن أهم الجداول والفروع التي يتغذى منها “إِغْزَرْأُدْمَامْ/ واد الزعرور”، وواد “ثِوْشِّيتْ” الذي يعرف أيضا بواد “أَيْتْ بَازَّ”، وواد “إِيمُوزًّارْ مَرْمُوشَ” وواد ” تَمْغِيلْتْ”.
وإلى جانب واد المحصر، يمر بدوار أيت مخشون واد آخر أصغر من السابق. لذلك، يطلق عليه “سِّيفْثْ”. وهي تصغير لاسم ” أَسِيفْ” الذي يعني النهر. وهو ينحدر من جيال تشوكت ويمر بمحاداة قرية المرس. إضافة إلى هذين المصدرين المائيين، تتواجد بأيت مخشون عدة عيون منها ما هو موجود على مستوى الواديين، و على رأسها ” لْعِينْ وُّچُّوجْ/ عين السد”، و” لْعِينْ إِنِرْزْ/ عين مزارع إنرز” على واد المحصر، و”لْعِينْ نْزّْوَ/ عين االقصعة” و “لْعِينْ إِفْرِ/ عين الكهف”، على واد المرس. أما فيما يخص العيون الأخرى، فإنها تتواجد في كل من مزارع “تِفْرَانْ” ( لْعِينْ ْبَنْيِدِيرْ/ عين بن يدير)، و”سهب بُوخَامُوجْ” (لْعِينْ لْمَحْصَرْ) و مزارع ” تَلْعْينْتْ” (مزارع العيينة). وسط مزارع مرموشة بالقرب من “الساريج”.
الغطاء النباتي:
تتميزالمنطقة المخشونية بتوفرها على ثروة نباتية غنية ومتنوعة مقارنة مع المناطق المجاورة. فهي تتكون على الخصوص من أشجار ونباتات حرجية (غابوية) و”حقولية”، أي تلك التي تتواجد على الأراضي القابلة للزراعة، سواء المسقية منها أو البورية. ومن بين تلك الأشجار:
– أشجار السنديان أو البلوط الأخضر Chêne vert، والتي يطلق عليها أيت سغروشن إسم “أخليج” وجيرانهم مرموشة “أدرن”. وهي شجرة ذات حجم وارتفاع متفاوت يختلف تبعا لتنوع أمكنة تواجدها وتشكلة التربة التي تتغذى منها. وقد تصل في الأماكن الأكثر رطوبة والأغنى تربة إلى أحجام كبيرة وارتفاعات مهمة. وتعتبر الشجرة المتواجدة في مزارع تفران بأيت مخشون والتي تعرف بـاسم “أخليج نبنسعيد ” أضخم وأقدم شجرة بلوط في المنطقة. فقد ورد ذكرها بهذا الاسم في وثيقة مكتوبة لتثيت ملكية القطع الأرضية التي اشتراها امحمد بن أحمد المعروف في حياته بالمقدم أمزيان هو وأخويه من المرحوم الشيخ أحمد من أيت يوسف والمؤرخة في صفر عام أربعة عشر ومائتين وألف (1214) هجرية، أي منذ ما يفوق القرنين من الزمن. وتبلغ دائرة جدعها حوالي 6 أمتار وعلوها ما يناهز 12 .
والمعروف أن السنديان مشهور بصلابة خشبه وجودة عوده وفحمه. ومن لحائه وجذوره يستخرج “حامض التانيك Le Tannin” الذي يستعمل في الدباغة. ومنه أيضا تصنع أهم الأدوات المستعملة في الفلاحة، كالمحاريث، والمداري وغيرها، وكذا في الاستخدامات المنزلية (كالقصع، والهاونات والملاعق وغيرها). كما تشكل أوراقه مادة محبوبة لدى المواشي التي تقتات عليها. ويتم اللجوء إليها كعلف للمواشي، وخاصة أثناء سقوط الثلوج وتعذر الخروج إلى المراعي، فيعمد إلى قطع أغصانها وحملها إلى الحضائر.
– وأشجار “ثَاقَ” باللغة المحلية. وهي التي تنتمي إلى ما يعرف علميا بـ Juniperus ، والتي منها الفصيلة التي نحن بصددها المعروفة باسم communis Juniperus، وبــ Genévrier بالفرنـسية. وربما هو الذي يسمى بالعربية “العرعرالشربيني /Juniperus oxycedrus.
– أشجارالعرعر المعروف محليا بــ”أَعَرْعَارْ”.
وهاذان الصنفان من الأشجار المتوفرة بالمنطقة يتميزان بخصائص متقاربة إن لم تكن متشابهة. فعودهما صلب، وشكلهما مخروطي، وعلوهما يصل في المعدل إلى ما بين المترين والثلاثة. وقد يزيد على ذلك إذا توفرت الظروف الملائمة، كالتربة الخصبة والماء المطلوب. وخشبهما، يستعمل، خاصة فيما مضى، في البناء وبطبيعة الحال في التدفئة، وهو من أجود الأنواع وأصلبها. إلا أن النوع الأول مختلف عن الثاني من حيث شكل الأوراق، التي تكون شوكية ومن حيث الثمار. فأوراقه، وثماره التي يطلق عليها إسم ” بَضِيرْ”، محبوبة لدى المواشي التي تقبل عليها بنهم شديد، ولاسيما من قبل الماعز وفي فصل الشتاء.
وفي بعض الأحيان، وخاصة فيما يتعلق ببعض الأصناف، يمكن حتى للانسان أن يتذوق من ثمار “ثاقة”، ولاسيما في فترة تمام نضجها التي تصادف أواخر فصل الخريف وبداية فصل الشتاء.
أما أوراق ” أعرعار”، على الرغم من ليونتها، فلا تتغدى عليها المواشي إلا قليلا ونادرا نظرا لرائحتها القوية الفواحة. كما لا يتغذى على ثماره إلا “الذئب العرعار” (ابن آوى)، وهو نوع من الذئاب ذي الرائحة الكريهة، و كذلك، بعض الطيور، ولاسيما حين ينعدم البديل.
ولا يمكن ترك الفرصة تمر دون الإشارة إلى أن ثمار “ثاقة” يمكن كذلك اتخاذها كوسيلة للعب واللهو ( أنظرما كتب عن لعبتي “عَبْرٍيرُو” و”بَاكُو” في الركن الخاص بالألعاب).
زيادة على ما سبق، فإن الشجرتين يتم الاستفادة منهما كذلك في مجال استخراج مــادة ” القطران” بالتقطير ولاسيما من جذورهما اليابسة. وبهذا الخصوص، فقد دلت التجربة على أن الجدور الغير المعرضة كثيرا للشمس هي التي تكون غنية بهذه المادة.
ومن المعلوم أن للقطران فوائد مشهود بها منذ القدم، في مجال التطبيب والزينة وغيرهما. كما يدخل في عصرنا في مكونات عدة مواد طبية وتجميلية وتنظيفية تحت مسمى “زيت القاد/Huile de Cade” “.
ولمن يريد المزيد من المعلومات والفوائد عن العرعر، يمكنه الرجوع الى الرابط التالي: http://wilayah.info/ar/?p=16614
– وأشجار”أَصْفْصَافْ/ الحور” و “أَدَرْضَارْ/المُرَان”، بالقرب من الماء (ظفاف وادي المعصر والمرس) وفي الأماكن المسقية؛
– إضافة إلى الأشجار السالفة الذكر وغيرها، تتخلل الغابات المتواجدة بالمنطقة شجيرات ونباتات وأعشاب منها:
– “فَاضِيسْ/ البطم” و “مْسْفَرْدْ/ نوع من الغار”، و” لْبْقُّوسْ/البقس”، و “ثِزْضَنْثْ/ الدوم”، و”أَيْدِّيمْ/ الحلفاء” وشْدِيدَة/ الوزال”، و” تَسْلْغَ/عين الأرنب”، و”زُوشّنْ/البعض يسميها الزعترة” و”مَلْغَنْبُو/ نوع من السالمية.
ومن بين النباتات العديدة التي تؤثث فضاءات الحقول والمنبسطات المخشونية، هذه الأنواع التي ندرجها هنا على سبيل المثال لا الحصر وبأسمائها الأمازيغية:
” ثَلْمَ”، و”ثِفْغْوِينْ”،و”ثَغْدِّيوْثْ”، و”أُفَّالْ”، و”ثِبِّ”، و”ثِيْفَّافْ”، و”أُبَّالْ”، و”ثْغِيغِيثْ” و”بُحَمُّ”، و”إِلْسْ أُفُنَاسْ”، و”بْنْعْمَامْ”…( في الجزء الخاص بجرد النبات المخشونية المزيد والمفيد).
الســــــكان:
بحكم الإكراهات الطبيعية والاختيارات البشرية، تتوزع ساكنة أيت مخشون على عدة أجزاء أو مناطق من دوار أ يت مخشون تحمل أسماء سيدي لحسن، سْهْبْ أُوعِيرْ، ثِجْدِيتْ، أَغْرْمْ، لِسِيرْ لْحَاجْ، لْبُورْ نْتْغْزُوتْ، أَجَرْدْ، لَمْشْرَعْ، وإِنِرْزْ. وعلى الرغم من عدم التوفر على كل نتائج الإحصاءات التي شهدها المغرب، وخاصة منذ سنة 1960 فيما يخص دوار أيت مخشون، إلا فيما يخص إحصاء 1982، الذي سجل أن عدد هم هو 158 نسمة موزعين على 30 أسرة، فإنه بناء على المشاهد والملاحظ ، فإن أعداد هذه الساكنة في تراجع مستمر.
فحاليا، أي في سنة 2016، يمكن الجزم دون الخوف من الوقوع في الغلط أن عدد الساكنة المستقرة في عين المكان على طول السنة لا تتعدى أربعين فردا. ويرجع السبب في هذا التقلص، على الخصوص، إلى الهجرة، التي أصابت بشكل خاص الفئات العمرية النشيطة بحثا عن حياة أفضل ماديا ومعنويا. وكنتيجة لهذه الوضعية، يلاحظ:
– تقلص الثروة الحيوانية المخشونية. فقد تراجع عدد قطعان الماشية، الضأن والماعز على الخصوص، من قطيع لكل مسكن إلى حوالي 3 أو 4 قطعان محددة العدد. كما تراجع عدد رؤوس الدواب، البغال والحمير على الخصوص، بشكل ملفت. فبعدما كان معدلها دابة لكل منزل في الستينيات من القرن الميلادي العشرين، أي ما مجموعه حوالي 45 رأسا من بينها 3 إلى 5 فرسات، تراجع هذا العدد بصفة مهولة إلى حوالي خمسة عشر رأسا، أكثر من نصفها من الحمير، و لم يعد من ضمنها أي فرس أو فرسة. وهذا مما يهدد بجد زراعة الأرض واستثمارها، سيما في غياب بدائل أخرى وخاصة المكننة.
– ازدياد غير مسبوق لعدد المنازل المغلقة والأراضي الغير المستغلة، بسبب تراجع عد السكان المستقرين بصفة دائمة في دوار أيت مخشون نتيجة الهجرة والانتقال إلى دار البقاء.
الانتساب القبلي:
شكلوا دائما أيت مخشون جزءا لا يتجزأ من قبيلة أيت سغروشن التي تتخذ من المرس مركزا لها. فقد كان و لا يزال يسري عليهم ما يسري على باقي مكونات هذه القبيلة من مغرم ومغنم. يفرحون لأفراحهم ويحزنون لأحزانهم. وقد قاتلوا إلى جانبهم أيام ” السيبة” (مرحلة تاريخية تميزت بعدم الاستقرار وفقدان المخزن سلطته على أجزاء من البلاد) لرد العدوان على القبيلة أو بعض أطرافها. كما ساهموا تحت راية القبيلة بقيادة سيدي امحمد بن عبد القادر، المشهور في حياته بــ” مولاي محند”، في الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي منذ مستهل العشرية الثانية من القرن العشرين الميلادي، وإلى غاية إخضاع ما تبقى من المجاهدين الذين تحصنوا في مرتفعات ” تيشكت” سنة 1926 من نفس القرن.
ومن المعلوم أن كلفة ذلك الجهاد كانت جد ثقيلة. فعدد الشهداء والجرحى يعد بالمئات. أما المشردين والذين تم التنكيل بهم والذين فقدوا ممتلكاتهم فحدث عنهم ولا حرج. وقد كان نصيب أيت مخشون من مجمل شهداء أيت سغروشن، بحسب ما استطاعت ذاكرة المساهمين في ذلك الجهاد أو المعاصرين له أن تحفظه، أكثر من عشرة (10) شهاء منهم السادة:
محمد بن أحمد، ومحمد أيوسف، وأخويه علي ولحسن، وعلي أعبدالله، وأحمد أبرحو وأخيه علي ، ومحمد أبچرين، وأحمد رقية علي، وسعيد أحدو، ومولاي الشيخ ، إضافة إلى عسكري فر من العدو والتحق بصفوفهم ليجاهد معهم.
في حين، بلغ عدد جرحاهم ستة (6) وهم السادة:
عبد النبي، ومحمد بن أمحمد المشهور ببنزايد، وعلي أعقى وعمه أحمد أعلي، وعلي أحمو، ومحمد بن امحمد المقدم.
ومن المعلوم أن جهاد التحالف الذي يتواجد فيه أيت سغروشن، بقيادة سيدي رحو العرفاوي ومولاي أمحمد بن عبد القادر المشهور في حياته بمولاي “مْحَنْدْ”، ضد الاستعمار الفرنسي قد استمر لسنوات عديدة، سواء على الجبهة الشرقية، لصد التغلغل الفرنسي انطلاقا من الجزائر مرورا بالمناطق الشرقية المغربية المتاخمة له بما فيها من مدن وبلدات مثل بدنيب وميسور، أو على الجبهات الأخرى التي هاجمتها الفيالق المستعمرة انطلاقا من تازة وفاس ومكناس، والتي كانت أكثر ضراوة وأشد وطأة على المجاهدين. وقد كانت تلك الوطأة تزداد مع تزايد إخضاع القبائل مع استمرار تغلغل المستعمر في البلاد. وكلما ازدادت رقعة الاستعمار انتشارا واتساعا، كلما تقوت شوكته بتعزيز صفوفه بمن كان يسميهم الأنصارLes Partisans، فضلا عما يصلها من الخارج من إمدادات، سيما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى .
وقد كانت الفترة الزمنية التي سبقت إخضاع آخر معاقل المجاهدين السغروشنيين ومن بقي معهم، أي السلسلة الجبلية المعروفة بــاسم “تِشِكْتْ”، أشد وطأة على الأبدان وأكثرتأثيرا على النفوس. وهي المدة التي استمرت لحوالي السنتين، انطلاقا من إخضاع بلدتي سكورة والمرس، ما بين سنتي 1923 و1924، إلى حوالي سنة 1926ميلادية. وقد عاش المجاهدون خلال تلك الفترة كلها تحت الحصار التام، بعائلاتهم ومواشيهم، وفي ظروف طبيعية جد قاسية، وخاصة أثناء هطول الأمطار والثلوج في فصل الشتاء. وقد كانت معاقلهم تدك بأحدث ما توصلت إليه المصانع الحربية الاستعمارية من الأسلحة بما فيها الطائرات والمدافع البعيدة المدى.
ومن الجدير بالذكر، استحضار بعض المحطات التي مر منها قطار الجهاد السغروشنيين ومن معهم ضد المستعمر الفرنسي، انطلاقا، فيما يخص جبهة سكورة، من “تجننايت” ( سنة 1917) مرورا بــ “مداز” و”ميزل” (سنة 1919) وصولا إلى “سكورة” و”تادوت. وفيما يخص جبهة المرس، فالمنطلق خاصة من “بوعرفة” ثم “مجنيبة”، مرورا ب”بوخاموج” والمناطق المجاورة له، وصولا إلى “المرس” ( سنة 1923) وما يحيط به.
ولمن أراد الاستزادة بخصوص الجهاد السغروشني ضد المستعمر الفرنسي، فسيجد ذلك في عدة مراجع بالفرنسية على الخصوص ومنها، الجزء الغير الرسمي من الجريدة الرسمية للمملكة المغربية بالفرنسية، وكتابي:
– « Avec Lyautey, Homme de Guerre Homme de Paix », Général Maurice Durosoy, Nouvelles Editions Latines, 1976.
– « Missionnaires en Burnous Bleu au Service des Renseignements durant l’Epopée Marocaine », J.D.Carrière, Editions Charles-Lavauzelle, 1973 .
وفي هذا الصدد، لا بد من التذكير بالحلف الذي يجمع بين الواليين الصالحين، رحمة الله عليهما، سيدي لحسن بن مخشون وسيدي علي بن يحيى. هذا الأخيرالذي تسمت باسمه قبيلة أيت سغروشن في إقليم بولمان منذ عهد الاستعمار. و يعرف ذلك “الحلف” عند أبناء القبيلة وخاصة المنحدرين من الواليين المذكورين باسم ” العهد”، ومن أبرموه بـــ” أيت العهد”. وبموجب ذلك “العهد”، تناصرا الواليان المذكوران ضد خصومهما.
وتشكل الفروع المنتسلة من سيدي علي بن يحيى، الذي يوجد ضريحه بقرية المرس، والذي ينحدر من الولي الصالح المولى علي بن عمرو، أحد أحفاد المولى عبد الله بن إدريس الثاني، رحم الله الجميع رحمة واسعة، المدفون في نواحي تالسينت، العمود الفقري للقبيلة المذكورة ونواتها الصلبة. في حين تتنوع أصول الفروع الأخرى والتي منها، على الخصوص، إضافة إلى أيت مخشون، أيت عبدالله بتقسيماتهم، وأيت صالح، وأيت السبع، وأيت حمو أيحيى بتفريعاتهم، وأيت يوسف أحدو.
وتنوع أصول تلك الفروع الأخرى، لايعني أنها قد لا تجمعها رابطة دم قريبة أو بعيدة. فإذا كانت تلك الفروع لا تنحدر من سيدي علي بن يحيى السالف الذكر، والذي كما هو شائع أنه الحفيد السابع للولي الصالح سيدي علي بن عمر (أوعمرو)، الملقب الأول، بحسب بعض الأقوال، بـ”السغروشني”، فإنه قد يكون من بينها أبناء العم أو الأعمام، أومن ينتسب إلى جده المباشر أو إلى أحد أجداده الغير المباشرين الخمسة الباقين، أوعلى الأقل، انتسل من أحد أبناء مولاي علي بن عمر الآخرين غير عبد الله الذي يرجع إليه نسب سيدي علي بن يحيى.
هذا إذا سلمنا بالرأي القائل بأن الملقب الأول بــ” السغروشني ” هو مولاي علي بن عمر. أما إذا أخذنا بالرأي المقابل الذي يرى أن الملقب الأول بهذا الوصف، ليس هو مولاي علي بن عمر، وإنما جده الخامس المسمى سيدي امحمد بن سعيد المشهور أيضا بــلقب ” بوركوة “، والمدفون في باب أغمات بضواحي مدينة مراكش، فستتوسع حينئد دائرة الْمُوَرِّثين للقب “السغروشني” لتتشكل من عدة بطون وفروع منها ما هو مشهور ومنها ما هو مغمور، ومنها ما قد يجهل حتى نسبه السغروشني. وعلى كل الحال، فالنقاش في هذا الباب أسال ولا يزال يسيل الكثير من الحبر، خاصة على مستوى المنتديات التي تعنى بالأنساب الشريفة. ولمن أراد الاطلاع على جزء من ذلك، فليتصفح مثلا موقع ديوان الأدارسة على الرابط التالي:www. Aladdarssah.com .
الانتساب السلالي:
( أنظر المقاطع المخصصة لضريح سيدي لحسن في ركن المعالم البشرية من هذه البوابة).
لحسن بن محمد انرز