تامسومانت انرز
مْلِيدْ إِثِنْزَارْ خْوَانْثْ ثْمِزَارْ
روضة /ضريح/ سيدي لحسن – الجزء الأول
الخميس, فبراير 18, 2016
“”يقتضي التعريف بــ”روضة” سيدي لحسن،أي ضريح سيدي لحسن، كمعلم من المعالم التي أنتجنها الموارد والكفاءات المخشونية، التعريف بصاحب هذه المنشأة. وتبعا لذلك، سنحاول معالجة الموضوع من خلال مبحثين:
المبحث الأول:نخصصه للتعريف بصاحب الضريح.
وسنتناول فيه النقط التالية:
توضيح لا بد منه:
أولا- نسبــــــــه:
1- عند العامة:
2- عند الموثقين:
3- الجديد من بلدة أنوال:
أ- موقع البلدة:
ب- موضوع الزيارة:
ج – أجواء اللقاء:
د – المحصلة:
4- الحقيقة ضالتنا فيما نسعى إليه:
أ- نتيجة طرح الموضوع على ديوان الأشراف الأدارسة والسبب في ذلك:
ب- استنتاج أولي ومرحلي حول النسب المخشوني الإدريسي:
جــ – الحاجة إلى المزيد من البحث والتمحيص:
ثانيا – عقبــــه:
ثالثا – منتوجه الفكري:
رابعا – خلاصة المبحث الأول:
المبحث الثاني: سنتناول فيه الروضة ( الضريح) والموسم:
وسنعالج ذلك من خلال العناوين التالية:
أولا- الروضة:
1- توطئة:
2- بناء الروضة ومراحل صيانتها:
3- قصة تفكن:
4- تقسيم الأدوار لإنجاز الإصلاحات:
5- جداول المساهمات:
ثانيا- الموسم السنوي لسيدي لحسن:
1-من أسش إلى الموسم:
2- الاتفاق الذي لم يدم:
3 – التطور نحو الأوج:
4- الفتور والتراجع:
5 – المقترحات:
المبحث الأول- التعريف بصاحب الضريح:
قبل الشروع في هذا التعريف، ارتأينا أنه من الضروري توضيح أمرين أساسيين قطعا للطريق أمام ما قد يثيره هذا البحث من تأويلات ربما قد تخرجه عن إطاره ومقصده الحقيقين:
أحدهما، أن القصد من الإلحاح على تدقيق وتحقيق النسب المخشوني والسعي لإثبات إدريسيتهم لا يجب أن يوضع إلا في سياق محاولة معرفة الحقيقة، وحب الاستطلاع، وإرضاء الفضول الفكري والمعرفي. وقبل هذا وذاك، لا يجب أن ينسى أنه مطلب شرعي مصداقا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تعلَّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صِلَة الرحم: مَحَبَّة في الأهل مَثْرَاة في المال، مَنْسَأة في الأثر (أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة)، واستحضارا لقوله صلى الله عليه وسلم: ” الرَّحِمُ مُعلَّقة بالعرشِ، تقولُ: من وَصَلَني وَصَلَهُ اللهُ، ومن قطعني قَطَعَهُ الله (أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة أم المؤمنين).
وباختصار شديد، فمعرفة الأنساب لها تطبيقات عملية وضرورة لا مناص منها. فتقسيم التركات، مثلا تقتضي بالضرورة معرفة الأصول، والفروع، والحواشي، ومن يرث بالفرض ممن يرث بالتعصيب، وحالات الحجب وغير ذلك من الأمور المرتبطة بالأحكام المطبقة في المواريث، والتي تدخل في نطاق علم الفرائض. هذا العلم الشرعي الذي لا تخفى أهميته بالنسبة للمسلمين، والذي وإن كان يدخل ضمن فروض الكفاية، فقد ينتقل إلى فرض عين إذا لم يكن هناك من يقوم به.
واعتبارا لذلك، فكل واحد منا معني بالحديث الشريف المروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول شيء ينزع من أمتي”. وقد قيل في معنى”كونه نصف العلم”، أنه “يبتلى به الناس كلهم”. كما فسر ذلك على “أن أحكام المكلفين نوعان: نوع يتعلق بالحياة، ونوع يتعلق بما بعد الموت، وهذا الثاني هو الفرائض”.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض، فلأولى رجل ذكر” ( أخرجه البخاري ومسلم).
إضافة إلى ما سبق، تظهر أهمية الأنساب كذلك في مجال الزواج لأن هناك حدودا شرعية تنظم هذا الجانب الأساسي من حياة الناس يجب معرفتها للوقوف عندها وعدم تجاوزها. فبدون معرفة الأنساب، لا يعرف، مثلا، المقبلون على الزواج، ذكورا وإناثا، من يحرم عليهم الاقتران بهم إما بصفة أبدية أو بصفة مؤقتة.
صحيح، إن الانتساب إلى زمرة الأشراف مطمح غالي. كيف لا وهم عترة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن هل يعني ذلك أنه يجب أن يتم ذلك بأي ثمن؟ وإنما يجب أن يكون وفق الضوابط والمعايير والشروط المعتبرة والمحددة شرعا ووضعا. بل أكثر من ذلك، فلا يجب النظر إلى النسب الشريف من زاوية التقرب به إلى الله أو تجنب غضبه . فهو قطعا لن يغني عنا من الله شيئا. ألم يقل عز من قائل: “يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”؟ ثم ألم يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فيما روي عنه، مخاطبا عشيرته حين أنزل الله عز وجل : ” وأنذر عشيرتك الأقربين” قائلا لهم:” يا معشر قريش – أو كلمة نحوها – اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا”؟
فكل من يؤمن بالحساب والجزاء في الآخرة، يعلم علم اليقين أن ذلك لن يكون إلا بناء على ما كسبت وما اكتسبت كل نفس، وليس على أساس التفاضل في الأنساب والأعراق. “ومن بطأ (أو أبطأ) به عمله لم يسرع به نسبه”.
وثانيهما، تنبيه من قد يظن أن انخراطنا في هذا العمل والإسراع أو التأخر فيه خاضع لإرادة غيرنا توجهنا وتتحكم فينا كيفما تشاء، لدرجة قد تذهب به الظنون إلى:
– الشك في نزاهتنا الفكرية التي تفرضها علينا الأمانة العلمية، والتي تقتضي أن لا مجال للتواطؤ أوالتساهل في إحقاق الحق، استحضارا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ” (رواه البخاري ومسلم عن سيدنا سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ).
– توهم وجود حدود وضعت أو فرضت لتوجيه البحث والوقوف عندها.
ولمن قد يكون من أحد الصنفين السالفي الذكرأو منهما جميعا نقول، فلتكن مطمئنا أننا لن نحتكم إلا إلى ما تقتضيه الأمانة العلمية، ولن نخضع إلا إلى ما يفرضه الواجب والضمير، ولا نتقدم في البحث أو نتأخر إلا بحسب المعلومات المتوفرة ووفق ما تفرضه الظروف ويسمح به الوقت والقدرة البدنية. ولولا الخوف من مباغتة الأجل، لأخرنا ما نعرضه اليوم هنا إلى حين الحصول على الأجوبة الشافية والكافية لجميع الأسئلة المرتبطة بالموضوع.
وليكن القارئ الكريم مطمئنا أننا، بحول الله وقوته، لن ندخر أي جهد لمواصلة سعينا وراء تحقيق الهدف المنشود، ألا وهو تحقيق وتدقيق نسب سيدي لحسن وذريته، بكل أمانة وصدق، راجين من الله عز وجل أن يفتح لنا فيه فتحا مبينا وأن يكلله بالتوفيق. وأملنا أن تتضافر جهود الجميع للتعاون من أجل تذليل الصعاب للوصل إلى المبتغى.
أولا- النسب:
1- عند العامة:
من أيت مخشون ومن غيرهم من أيت سغروشن ومن القبائل المجاورة، فهو سيدي لحسن أمخشون، مع رفع همزة القطع عند البعض وفتحها عند الآخرين وسكون الميم والخاء والنون ورفع الشين. وقد يسبقون سيدي لحسن بالولي الصالح أو شْرِيفْ أو أَمْرَابْضْ. أما ذريته فيطلقون عليها إما إسم أيت مَخْشُونْ، وهي التسمية الأكثر تداولا وشيوعا، أو إسمي إِمْخْشَانْ و إِمْخْشُونَنْ.
2-عند الموثقين:
أما الموثقون القدامى الذين تصدوا لمهمة التوثيق العتيق في المنطقة التي تدخل اليوم في الدائرة الترابية لإقليم بولمان والجوار، والذين ينتسبون إلى عدة سلالات، كـــ”أيت السْبَعْ” ( سلالة منحدرة من الولي الصالح سيدي امحمد الملقب بالسبع المدفون في دويرة السبع القريبة من تالسينت)، و “أيت سعيد إِجْلَوان” (نسبة إلى الولي الصالح سيدي سعيد بن أحمد في سكورة)، و “أيت بُيْلُّولْ” (قبيلة متواجدة بالقرب من جبل “بُويْبْلاَنْ” المشهور، فإنهم وإن اتفقوا فيما خططوه من وثائق خاصة بسيدي لحسن أو بأبنائه أو بأحفاده، والتي تعود تواريخ بعضها إلى سنوات 1124 و1141 و1151 هجرية، في وصفهم بالسغروشنيين والمخشونيين، وفي نعثهم بأوصاف محترمة كالولي الصالح (عن سيدي لحسن)، و سيدي أو السيد أو المرابط أو المكرم أو الشريف، بالنسبة للباقي، فإنهم اختلفوا في إسم أب سيدي لحسن.
فأغلب أولئك المحررين قد وثقوا أنه “لحسن بن مخشون السغروشني من أولاد، أو بني، أو أيت، أحمد بن علي أو أحمد أعلي”. بينما يرى البعض الآخر أنه “لحسن بن مسعود المكنى مخشون”. فيما ذهب رأي آخر إلى أنه ” لحسن بن سعيد”.
وبخصوص هذه التسمية الأخيرة، فقد ورد ذكر ذلك في وثيقة موجودة هي الأخرى ضمن مروثات عائلة انرز، يظهر من حبرها والورق التي كتبت عليها أنها مستنسخة من وثيقة أخرى لا نعلم عنها شيئا. وهي تحمل إسم “الأنيس في نسب مولانا لحسن بن سعيد بن سيدنا مخشون من نسل ءال مولانا إدريس” لمؤلفها المدعو “الإمام محيي الدين الشيخ الولي الصالح أبو زكرياء يحيا بن عبد الله بن بكار”.
فبحسب الوثيقة الأخيرة، فالولي المذكورهو”سيدي لحسن بن سعيد بن مخشون بن محمد بن أحمد المكنى غراس الخيل بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن محمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن محمد بن عيسى بن سلام بن مروان بن حميد بن علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحوسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه كلهم من نسل شفيع المذنبين صلى الله عليه وسلم”.
وقد تعمدنا نقل ما جاء في تلك الوثيقة حرفا حرفا على الرغم مما فيها من شوائب، لا يمكن الجزم بحقيقتها: هل هي من جملة المحتوى الأصلي أو تسربت نتيجة الاستنساخ اليدوي ما دامت الوثيقة الأصلية غير متوفرة للمقارنة والتحقيق.
وفي هذا الصدد، لابد من الإشارة إلى أنه، بحسب ما أدلى لنا به المرحوم السيد علي أحمو، المعروف في حياته بعلي أحمو أفتيس والذي توفي سة 1992 عن حوالي مائة وعشرة من السنين (110 أعوام)، سنة 1976، فقد كانت هناك بالفعل “شجرة”، أو ما كان يطلق عليه ” ثَجْرِيتْ”، مكتوبة على رق غزال رآها وهو في ريعان شبابه. وقد كانت ملفوفة حول عود (قطعة خشب) كتبت عليه بدوره أسماء أبناء سيدي لحسن الخمسة، مغطاة بقطعة قماش، إلا أنه لم يعرف مصيرها.
وقد نحى أخونا المرحوم سيدي محمد انرز نفس المنحى، فذكر أنه قد كانت هناك بالفعل في حوزة عائلتنا “شجرة” أخرى. وقد أعارها بعد وفاة الوالد رحمه الله تعالى حوالي منتصف سنة 1955، بإيعاز من إحدى عماتنا إلى شخصين من “أيت مخشون الغرب”، أي المتواجدين في “المشرع أزُچَّاغْ” بالقرب من بوزملان، أحدهما هو المرحوم الفقير مروان عقى أسعيد، بغرض الاستنساخ على يد العدول مع التعهد بإرجاع الأصل إلى حيث كان. ولكن مع الأسف ذهب تعهدهما أدراج الرياح.
وبحسب ما بلغني فيما بعد، فقد آل المشجر المذكور، بعد موت السيد عقى أسعيد المذكور، إلى زوجته ولم يعرف ما ذا وقع له فيما بعد. بقي أن نشير إلى أننا لا نعرف أي شيء مما هو مضمن في المشجر المعار إلى الشخصين السالفي الذكر، وهل هو الذي استنسخت منه الوثيقة التي ترجع نسب سيدي لحسن إلى سعيد أم لا؟ وهل هو أصلي أم مستنسخ بدوره ؟
وبخصوص الشوائب التي سبق أن ذكرناها بخصوص الشجرة التي نتحدث عنها، فلن نجد أفضل من الاستدلال عليها مما كتبه عنها سيادة الشريف إيهاب التركي الشاذلي الإدريسي، النقيب العام للنقابة الإلكترونية العالمية للسادة الأشراف الأدارسة، ومؤسس بوابة ديوان الأشراف الأدارسة www.aladdarssah.com في مداخلة له حول السؤال الذي طرحته بخصوص” تدقيق نسب أيت مخشون”، الرابط التالي:
http://www.aladdarssah.com/showthread.php?t=4705
وهذا هو نص تلك المداخلة :
“لإزالت بعض الشوائب عن نسب مولانا سيدي لحسن بن سعيد بن مخشون الإدريسي، فهناك أربع ملاحظات وهي:
(1نجد أن تسلسل النسب هنا يخص فرع من فروع البيت المشيشي الإدريسي الذي ينتسب إلى القطب مولاي عبدالسلام بن مشيش قدس الله سره.فهل أنتم معروفون بإنتسابكم إلى بيت مولاي سيدي عبدالسلام بن مشيش قدس الله سره ؟
(2 نجد أنه قد تم كتابة إسمين في تسلسل النسب المشيشي الإدريسي بالخطأ فإسم “مزوار” قد كتب “مروان” وإسم “علي حيدره” قد كتب “حميد بن علي” .
3 جعل للمولى عبدالكريم بن محمد بن القطب الإمام عبدالسلام بن مشيش ابن أسمه “عبدالله” وهذا غير صحيح فهو ليس لهُ إلا ابنين وهما “مولاي عبدالوهاب ومولاي عبدالواحد” وليس له ابن بإسم “عبدالله” .
4 ربط نسب القطب سيدي عبدالسلام بن مشيش قدس الله سره المعروف إنتسابهُ إلى الإمام محمد بن إدريس الأزهر بفرع مولانا الأمير أحمد بن إدريس الأزهر وهذا خطأ واضح”.
وقبل الانتقال إلى نقطة أخرى، لا بد من تسجيل هنا ما سمعناه من المقدم محمد بن علي أمزيان من إخواننا أيت مخشون الغرب بخصوص المساعي التي قاموا بها في بداية عهد الاستقلال لتوثيق ” شجرة” كانت عندهم، ربما هي التي جلبها المذكوران أعلاه من عائلة انرز، أو استنسخوها منها، لدى القصر الملكي بالرباط.
فبحسب ما ذكره المقدم المذكور، الذي كان ضمن الوفد الذي زار الرباط للغرض المبين سابقا ، فقد استقبلوا من طرف وزير التشريفات في عهد المغفور له الملك محمد الخامس حيث عرضوا عليه المشجر السالف الذكر لكي يعرضه على توقيع الملك. لكن ذلك الوزير، بين لهم أن ذلك يتطلب إجراءات وتقديم حجج من أهما اعتراف مزوار ” نقيب” الفرع المعني بالمشجربتلك الوثيقة. فلما ذكروا له أنهم ليسوا على علم بمن سيقصدونه بهذا الخصوص، قال لهم أن مشجركم يذكر أنكم من أحفاد مولاي عبد السلام بن مشيش. وعليه، فما عليكم إلا الذهاب إلى نقيب الشرفاء العلميين لأنهم هم أبناء عمومتكم. ولما تبين له أن ليس هناك معرفة مسبقة بين الطرفين وأنه من الصعب أن يعترف بهم العلميون بسهولة، أشار عليهم بالرجوع إلى قيادتهم ومحاولة إثبات شرفهم من طرف الشهود من القبائل المجاورة. وباختصار، لم يتمكنوا من القيام بما طلب منهم نظرا للظروف التي كانت تسود آنذاك نتيجة التجاذبات السياسية. وبعدما يئسوا من ذلك، رجعوا مرة ثانية إلى الرباط علهم يجدون مساعدة من الوزير المذكور، إلا أنهم لم يستقبلوا هذه المرة لأن المعني بالأمر قد استبدل بغيره وأن الإجراءات زادت تعقيدا فلم يسمح لهم حتى بالاقتراب من القصر. وهكذا بقيت الأمور على ما هي عليه.
ذلك ما استطاع عبد ربه تجميعه من معلومات حول إسم أب سيدي لحسن رحمهما الله جميعا قبل يوم الجمعة 6 نونبر 2015 ، تاريخ الزيارة التي قام بها إلى بلدة أنوال رفقة ابنه السيد عبد الله، وصهره السيد رشيد بن علي أفتيس، والسيد محمد بن علي الشيخ، ونجل هذا الأخير مولاي أحمد.
3- الجديد من بلدة أنوال:
أ- موقع البلدة:
تقع بلدة أنوال، كما هو معلوم، بإقليم فجيج، شرق مدينة تالسينت التي تبعد عنها بأربعين كيلومترا. وفيها مراقد أولياء الله الصالحين سيدي محمد بن أحمد المكنى بكنية ابنه غراس الخيل، وأبنائه الأربعة سيدي الطيب بن عبد الله، وسيدي بوزيان، وسيدي أحمد، وسيدي محمد غراس القوم، وحفيده سيدي الحاج بلقاسم، رحمهم الله جميعا رحمة واسعة وكافة آبائهم وأجدادهم وأمهاتهم ما علو، وذرياتهم ما تناسلوا.
ب- موضوع الزيارة:
وقد كان القصد من تلك الزيارة التي يعود التشوف إليها، بالنسبة لعبد ربه، إلى ما يناهز أربعة عقود، تقفي آثار جدنا سيدي لحسن كما تحدثت عن ذلك الرواية الشفهية، وبالتالي محاولة استجلاء حقيقة نسب سيدي لحسن وتجاوز التضارب والاختلاف عن المصادر السالفة الذكر. ثم بطبيعة الحال، الترحم على من ذكرت الرواية الشفاهية أنه جد سيدي لحسن، وصلة الرحم بأحفاد هذا الأخير الذين لا زالوا يسكنون بعين المكان، ومحتفظين بتقاليدهم العريقة الطيبة الموروثة فيما يخص رعاية “زاويتيهم” والقيام بشؤونهما على أحسن وجه خدمة للأهداف التي أقيمتا من أجلها.
ج – أجواء اللقاء:
وعلى الرغم من قصر مدة الزيارة، بحيث لم تتعدى حوالي خمس ساعات، فإن أفراد الوفد لم يستشعروا قط الغربة ولم يحسوا للحظة واحدة أنهم أجانب، بل، على العكس من ذلك، أحسوا وكأنهم يعرفون أهل تلك البلدة الطيبة منذ زمن طويل.
ومما سهل من مأمورية الوفد الزائر لتلك الديار، التجاوب والترحاب الكبيرين الذين لقوه من أنجال سيدي محمد بلغراس الطيبي، القيم الحالي على “الزاوية التحتانية”، والذي مع الأسف لم يتمكن الوفد من التشرف بلقائه نظرا لكونه كان أنذاك مسافرا. نفس التجاوب والترحاب اختبره الوفد لدى باقي الإخوة الشرفاء وفي مقدمتهم السادة محمد بلمحجوب، وعبد الرحمن العسري، ومحمد بلمهدي، ومحمد بلحسن، والزاوي بن الصغير، ومحمد بن أحمد بن امحمد الطيبي، الذين نوروا أعضاء الوفد بما لديهم من معلومات، بكل تلقائية وبدون تحفظ أو تردد.
د – المحصلة:
وقد مكنت تلك الزيارة من الحصول على معلومات قيمة، قد تكون اللبنة التي لا زالت تنقص صرح التسلسل النسبي المخشوني. ويتعلق الأمر، على الخصوص، بما جاء على لسان السيد محمد بن أحمد بن امحمد الطيبي، بخصوص علاقة سيدي لحسن بشرفاء أنوال، وبالضبط بالولي الصالح سيدي محمد بن أحمد المكنى بغراس الخيل.
فقد ذكر لنا سيدي محمد بن أحمد بن امحمد الطيبي، الذي يظهر عليه أنه تجاوز الخمسين من عمره، أنه قد سمع من جده من جهة أمه أن “سيدي الحسين قد خرج من أنوال وقصد بلاد مرموشة”. وقد تم توثيق هذه الشهادة بالصوت والصورة.
وعلى ما يبدو، فإن هذه المعلومة تتطابق مع تذكره الرواية الشفهية وما وما وثق كتابة من نزول سيدي لحسن بقبيلة أيت أيوب التي تشكل إحدى القبائل التي تتكون منها فدرالية قبائل مرموشة. ورغم أنه ذكر الحسين وليس الحسن، فالاختلاف لا يشكل في نظرنا مشكلة ما دام أن هناك من يخلط بين الحسن والحسين ولا يفرق بينهما.
وقد كانت هذه الشهادة مسك الختام لزيارتنا لبلدة أنوال الطيبة، حيث غادرناها، بعد صلاة العصر من نفس اليوم السالف الذكر، بعدما تبادلنا العناوين وأرقام الهواتف مع مودعينا النواليين الأعزاء السادة محمد بن محمد بن الغراس، ومحمد بلمحجوب، وعبد الرحمن العسري، ومحمد بلمهدي، ومحمد بلحسن، ومحمد بن أحمد بن امحمد الطيبي، الذين وعدونا بموافاتنا بكل جديد حول الموضوع.
وبالفعل، وبتاريخ 15 نونبر 2015، أتصل بعبد ربه السيد محمد بلمحجوب هاتفيا وقدم له السيدي محمد بن المصطفى بلكبير الطيبي، رئيس”جمعية الشرفاء الأدارسة أبناء سيدي محمد بن أحمد المكنى غراس الخيل للمبادرة والتنمية المستدامة”. وهذا الأخير، لم يكن هو الآخر متواجدا في أنوال عند زيرتنا له. وبعد تبادل التحية، أكد السيد محمد بن المصطفى، على ما جاء في شهادة الشاهد السالف الذكر. بل زاد عليها، أن سيدي لحسن هو إبن حفيد سيدي محمد بن أحمد المكنى بغراس الخيل. فهو بالضبط إبن سيدي الحاج بلقاسم الذي ذكرناه في معرض حديثنا عمن ترحمنا عليهم في أنوال.
فبحسب ما قاله السيد محمد بن المصطفى، فإن سيدي الحاج خلف ولدين هما سيدي لحسن وسيدي بلمحجوب. وهذا ما عاود تأكيده مرة أخرى أثناء زيارته التي قام بها للرباط بتاريخ 21 دجنبر 2015 رفقة مولاي إدريس بن عبد القادر، حيث تم اللقاء بهما في نفس اليوم بمدينة الرباط قبل أن تشرفنا باستضافتهما بحضور ثلة من إخواننا المخشونيين المتواجدين في الرباط ليلة 22 دجنبر 2015.
وهكذا، يضاف اسم جديد إلى الأسماء السالفة الذكر فيما يخص اسم أب سيدي لحسن . وبذلك، يصبح اسمه وتسلسله النسبي، بحسب هذا المستجد، كما يلي:
” فهو سيدي لحسن بن الحاج بلقاسم بن محمد غراس القوم بن محمد بن أحمد، المكنى بكنية ابنه غراس الخيل، بن ناصرأو يوسف (بتقديم ناصر على يوسف) بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن داوود بن عامر بن محمد بن عبد الحميد بن أمامة بن عيسى بن عبد الرحمن بن علي بن إسحاق المكنى بوزيان بن محمد بن أحمد بن عامر بن عيسى بن سليمان (بزيادة الحاج) بن محمد بن أحمد بن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر بن إمام المدينة مولانا عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام سيدنا علي ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
و للإشارة، فإن التسلسل النسبي لسيدي محمد بن أحمد المكنى بكنية ابنه غراس الخيل، مأخوذ من شهادة نسب قيم الزاوية المذكور المسلمة له من نقيب شرفاء سيدي أبي الطيب، الذي كان معاصرا لسيدي محمد بن أحمد وصديقا حميما له، والتي تم تعليقها في إحدى قاعات الاستقبال بالزاوية التحتانية.
4- الحقيقة ضالتنا فيما نسعى إليه:
إن الحرص على الوصول إلى حقيقة نسب أيت مخشون واستجلاء كل الجوانب المتعلقة به هو المطمح الأول والأخير في هذا المسعى. ومن أجل ذلك، ما فتئنا نسلك كل السبل المتاحة علنا نظفر بالمطلوب. ومن تلك السبل، لجوؤنا إلى الاستفسار عن نسب أيت مخشون على صفحات البوابة الإلكترونية: www.aladdarssah.com. وقد تم ذلك على شكل طلب موجه إلى صفحة “استفسارات وطلبات ودراسات لأنساب الأشراف الأدارسة“وهو مسجل تحت عناون “تدقيق نسب أيت مخشون” ومتاح على الرابط التالي:
http://www.aladdarssah.com/showthread.php?t=4705
أ- نتيجة الطلب المذكور أعلاه والسبب في ذلك:
لابد من التنبيه إلى أنه على الرغم من المجهودات التي بذلها كافة المتدخلين حول السؤال المطروح، فمع الأسف لم يتم بعد التوصل إلى المراد.
وهذه النتيجة لم تكن مفاجئة بالنسبة لطارح السؤال، ولم ولن تؤثر في عزيمته. لأنه على علم أن مثل ذلك السؤال من الصعب إيجاد الجواب عليه بسهولة. فهو يتعلق بغُصَيْنٍ من أغصان فروع الدوحة الإدريسية الوارفة الظلال، شاءت إرادة الله عز وجل أن يوجده في منطقة بعيدة عن مراكز اهتمام المؤرخين والباحثين في شتى مجالات المعرفة. وبذلك لم تنل حظها من التوثيق، اللهم ما كان من بعض النتف المتناثرة في بعض كتب التاريخ، كــ “لاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى”، للمرحوم أحمد بن خالد الناصري، أو بعض المقاطع أو الصفحات المدرجة في “التقاير الاستخباراتية الاستعمارية” أو في “مذكرات” بعض الضباط الاستعماريين بخصوص الجهاد الذي خاضته قبائل المنطقة.
إضافة إلى ذلك، فالملاحظ أن أغلب المراجع المعتمدة في الأنساب، إما أنها قديمة لم تتعرض إلا للفروع الكبرى والمشهورة، أو أنها حديثة ولكن تستمد مادتها الأساسية من المراجع التي سبقتها وبذلك لا تضيف، في بعض الأحيان، شيئا يذكر، أو في أحسن الأحوال، فإن ما تشتمل عليه مستمد مما تزود به الأسر المنصوص عليها في تلك المستندات مؤلفيها من معلومات ووثائق. وبذلك يحق لها أن نقول مثل ما ورد في القرآن الكريم على لسان أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام “بضاعتنا ردت إلينا”. وخير مثال على ذلك مؤلف “مصابيح البشرية من أبناء خير البرية “، للمرحوم السيد أحمد الشباني الإدريسي.
وبذلك، فالعوائل الإدريسية التي لا تتوفر على الوثائق، أوالتي قد لا تعلم بالمرة ، لسبب من الأسباب، أنها من أصول إدريسية، تبقى على الهامش وخارج تغطية المؤلفات النسبية المتداولة لحد الآن. والساكت بطبيعة الحال لا ينظر إليه في الغالب ولا يهتم به. وقديما قيل “ما حك جلدك مثل ظفرك”.
وقد يقول قائل، ولما كان الحال هكذا، فما الجدوى من طرح السؤال المذكور؟
للجواب نقول، إن عدم تعويل السائل كثيرا على الحصول على جواب لا يعني أنه عليه أن يبقى مكتوف الأيدي. فمهما تضاءلت الحظوظ، فهناك دائما أمل مثل الأمل الذي يحذو الصياد حينما يرمي صنارته في بركة ماء أو نهر…
زيادة على ذلك، فقد كان مقتنعا أنه ربما تأخر الأمر كثيرا لمباشرة البحث في النسب المخشوني، وأنه من الواجب فعل أي شيء لتحريك الماء الراكد في بركة هذا المجال حتى لا يزداد أسونا. كما أن عرض الأمر على البوابة الإلكترونية لديوان الأشراف الأدارسة، يعني وضعه أمام أنظار الناس على نطاق واسع، وبالخصوص أمام العيون المتفحصة والعقول النيرة للمتخصصين، الذين تعج بهم الشبكة الدولية للمعلومات بصفة عامة، والديوان المذكور بصفة خاصة، وفي مقدمة وعلى رأس أولئك الباحثين والمتخصصين سيادة النقيب العام الشريف إيهاب التركي الشاذلي الإدريسي.
وبناء على ذلك، فطرح السؤال بتلك الطريقة له ما يبرره، وله فائدة كبيرة. فإذا لم يمكن من الوصول إلى ما يثبت النسب الإدريسي للفئة المسؤول عنها، فقد يوصل إلى ما ينفي عنها ذلك النسب. وفي كلتا الحالتين، فإن ما يهم هو الحقيقة. فما الجدوى من الحرص على الانتساب إلى نسب ما عن طريق الغش والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه عنه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من رجل يدَّعي لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر”.
ب- استنتاجات أولية ومرحلية حول النسب المخشوني الإدريسي:
وخلاصة القول، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات، أي منذ 20 يناير 2011، تاريخ وضع السؤال على البوابة المذكورة، فإنه يمكن القول، صحيح أنه لم نتوصل إلى ما كنا نطمح إليه بخصوص تحقيق وتدقيق نسب أيت مخشون وربط حلقات سلسلته بأحد الفروع الإدريسية بصفة قطعية، ولكن، ولله الحمد، مقابل ذاك تأكد لنا أنه لا يوجد هناك من ينازعنا في مسعانا هذا أو ينف عنا أية علاقة بالدوحة الإدريسية الشريفة.
وبناء على ما تقدم، فإنه يمكن لنا أن نخرج باستنتاجات مرحلية وأولية نجملها فيما يلي:
– أن النسب المخشوني الإدريسي ثابت بناء على قرائن متعددة أهمها:
* الرواية الشفهية المتوارثة أبا عن جد والتي تعززت بالشهادة المحصل عليها من إخواننا في أنوال؛
* ما يستشف مما هو موثق في مخطوطات مخشونية من عبارات تفيد الشرف والاحترام والتقدير.
وفي هذا الصدد، فقد اطلعت، على عدد من الوثائق في هذا الاتجاه. ومن تلك الوثائق ما قرأته لدى المرحوم السيد حمو بن سعيد أجرد سنة 1987. و يتعلق الأمر برسم لإثبات ملكية أرض في حوزة عائلته آلت إليها ممن سمي في تلك الوثيقة بــ”لحسن بن مَحَمد السغروشني الشريف المخشوني أرضه بالمدور… ” . وهي مؤرخة في 1219 هجرية. ثم وثيقة كانت ضمن الوثائث المحفوظة لدي عائلة السيد محمد بن محمد أفتيس، قبل أن يسلمها للسيد لحسين بن محمد أبن علا. وقد جاء في مقدمة تلك الوثيقة ما يلي:
” اشترى الشريف الأرضى السيد محمد ابن السيد محمد بن عبد الله المخشوني من البائعين له…”؛
ومن تلك الوثائق أيضا، ما هو ضمن محفوظات عائلتنا الموروثة. ويتعلق الأمر على الخصوص، بمحرر يوثق للحلف الذي تم بين أيت مخشون وجيرانهم أيت أمار من مرموشة في وقت من الأوقات. وقد جاء في مقدمته : ” الحمد لله عقد الرفود والتحميل بين جماعة أيت أمار وبين جماعة الشرفاء أولاد سيدي لحسن بن مسعود نقبه المخشوني…”. ثم بمحرر آخر هذا هو فحواه:
“الحمد لله إشترى المرابط الخير السيد علي بن مخشون الصغروشني من أيت أحمد أوعلي… عام إحدى وأربعين ومائة وألف”. وجاء في غيره: “… أشهد على نفسه المرابط سيدي محمد فتحا بن لحسن المخشوني أنه حبس…عام ثمانية وثلاثين ومائتين…”. كما تضمنت وثيقة أخرى ما يلي: “اشترى بحول الله وقوته المرابط السيد يوسف بن سيدي لحسن المخشوني”. وهناك أيضا وثيقة مماثلة جاء فيها:” الحمد لله اشترى المكرم سيدي يوسف بن لحسن أمخشون من البائع له قريبه…عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف عبد ربه محمد بن محمد بن عبد الجبار السبعي نقله عن الشريف سيدي سعيد أمح وسيدي طالب رح من إمخشان نقلا صحيحا بعد إذنهما وتوديتهما الحمد لله أديا فقبلا لدى عبد ربه تعالى محمد بن محمد بن عبدالجبار المذكور لطف الله به آمين”.
ومن المعلوم، أنه من المألوف والمسلم به في المنطقة التي يتواجد فيها ما نتحدث عنه أن ” كلمة المرابط أو أمرابض” مرادفة للشريف. والمرابطين أو إمرابضن تساوي كلمة الشرفاء.
* العادات والتقاليد المخشونية، وكما سبق أن تحدثت عن ذلك من قبل، فهي توحي بأنها تقاليد وعادات الأشراف. ومن ذلك:
. فما يخص الزواج، فالمخشونية كانت، إلى عهد قريب، لا تتزوج إلا من ” شريف” سواء من أهلها، أي أيت مخشون، أو من غيرهم ممن يعرفون بالشرفاء بالمنطقة. كما كان ذكورأيت مخشون لا يتزوجون من غير المخشونيات إلا ناذرا.
. أما فيما يتعلق بإنجاز الأعمال والأشغال، خاصة إذا كان ذلك يتم جماعيا، فإنه لايتم الشروع فيها ولا الانتهاء منها إلا بالصلاة على رسول لله صلى الله عليه وسلم التي يتم ختما بهذه العبارات” أجاه النبي أمولاي إدريس”.
وقد جرت العادة عند حصاد الزرع أن الناس يرددون بعض الأشعار المخصوصة بعضها بالأمازيغية وأخرى بالعربية يتم التوسل فيها أحيانا ببعض الأولياء الأدارسة. ومن ذلك ما يقال عند الاقتراب من الانتهاء من حصاد آخر حقل لكل فلاح وهوعبارة عن مزيج من اللغتين العربية الدارجة والأمازيغية:” الله إرحمك أمولاي إدريس ألوالي، زْچِّيسْ إِمُّوثْ أُرْجِّينْ ثْغُدِ دُّونِيثْ”. ومعنى ذلك، رحمك الله يا ولينا مولاي إدريس. منذ أن متت لم تطب الدنيا”. وهذا مما يعبر، والله أعلم، عن لوعة وأسى الأدارسة بعد رحيل مولانا إدريس طيب الله ثراه. كما يؤرخ ذلك للأحداث التي أعقبت عصر هذا الأخير، ولاسيما الفتن التي وقعت بين أبنائه من بعده وما تلا ذلك من محن وأهوال في حقهم على يد الطاغية موسى بن أبي العافية.
. علاوة على ذلك، فإن الأسماء التي تسمى بها آباؤنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وإخواننا، وأخواتنا وجميع أقاربنا، بل ونحن وجل أبنائنا إلى يومنا هذا، ما هي إلا امتداد للأسماء المتداولة عبر السلسلة الإدرسية الشريفة. فجل تلك الأسماء لا تبتعد، مثلا، عن فاطمة ومشتفاتها وتصحيفاتها، وخديجة، وعائشة، ورقية، ومحمد، وعلي، وعبد الله، ولحسن، والحسين، وأبو القاسم، وأحمد، وعبد القادر، وأبي زيان، وعبد الخالق، وغيرهم.
* الشهرة التاريخية لشرف أيت مخشون بين الجيران.
* تشييد بناية مميزة ( روضة/ضريح) على قبر سيدي لحسن واتخاذها مزارا وما حولها مقبرة لدفن الموتى. كما حدد لهذا المزار وهذه الروضة “حرم”، تأسيا بـــ”حرم المولى اإدريس الأكبر والمولى إدريس الأزهر”، وبعض المزارات والمؤسسات بحسب ما جرى به العرف والعادة. وهذا ما تبينه الوثيقة التالية، التي كانت محفوظة لدى عائلة بين الويدان باعتبارها العائلة التي عين منها أول قيم على ضريح سيدي لحسن بن مخشون، وهو سيدي محمد بن امحمد (بفتح الميم الأول) الملقب بالمقدم بن زايد، وذلك قبل أن يؤول الأمر بعد موته إلى ابنه سيدي محمد المشهور ببنزايد، والتي تفضلت بتزويدي بنسخة منها:
وهذا نصه:
” الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم (بتربسبب التمزق و التآكل الزمني)…بخير وأمن…سعيدة ‘ّ داك قدموا…ْايت مخشون القاطنين ببلد تمزر لقصد الزيارة أباهم سيدي لحسن بن مسعود المدفون ببلد تشكت واتفقوا مع إخوانهم القاطنين بض… وحكم السديد وكلامهم المفيد على أن… الله ورسوله وحرم الولي الصالح المذكور كالمسجد … بثمانية عشرضامنا … وولوا أمرهم للقطب الرباني مولاي عبد القادر بن مولاي سعيد… ومن ورائه ابنه المبارك الهمام …. الشريف الوارع والزاهد مولاي مَحمد بن مولاي عبد القادر … الزاوية ولهما الحل والعقد في الطائفة السغروشنية …. ونواحيها …. فينتصف لهم حقوقهم من الذي تعدى عليهم وظلمهم ولو من أولاده وقدموا السيد محمد بن مَحمد المخشوني… على روضة الصالح المذكور لجلب … ودفع المضرات …. الحمالين اولهم من فخض أيت مخشون أحمد بن علي … والسيد محمد بن عبد الخالق وسعيد بن يش والطالب يوسف … بن عبد المالك وعلي بن قص وكل واحد تحمل على إخوانه … ومن أهل تمزرت تحمل سعيد بن عبد المالك …. بن موسى وحم بن لحسن ومحمد بن … ومَحمد أمزان يتيم لحسن أحدو والحسين أطالب وعلي بن رحو وعلي أطالب … وعلي بن الحسن ومن قبيلة آل سيد علي بن يحيى تغمده الله … عليه رحمته اولهم فخض أيت يوسف تحمل الشيخ أمحد بن محمد ….لحسن بن أحمد ومن فخض أيت أحمد تحمل عبد الوهاب بن عبد الوهاب… وعلي النسب ومن فخض أيت علي، سعيد بن عبد الله وسعيد بن أحمد ومن فخض أيت بلقاسم أحمو الشيخ أحمد بن محمد … النسب، ومن فخض أيت محمد بن لحسن أقص ومن فخض أيت مَحمد امزان تحمل حمو ألهبوب وحد بن قص و … ض…أيت عبد الرحمن سيدي محمد بن عبد الله ومحمد بن عبد الوهاب ومن فخض أيت محمد ، محمد أبه والطالب محمد بن عبدالوهاب…. ومحمد بن سعيد ومن فخض أيت صالح علي بن الحسين وعلي بن عبد السلام ومن فخض أيت سعيد حمو بن قص وسعيد بن علي ومن فخض أيت طالب علي الرشيدي محمد بن أحمد ومن فخض أيت السبع أحمد بن محمد وعبد الله والطالب بن علي …. بن حمو من أيت محمد ب علي ومن قبيلة المرموشية ومن فخض أيت جافر محمد بن سعيد ولد خديجة يحيى على إخوانه أيت عيسى والشيخ ميمون ولد تخلقت على إخوانه … حمو أحدو والشيخ علي أبكرين على أيت عب أيوسف والشيخ … بن أحمد …. على أيت إفران والفقير بلحسين على…. والشيخ أحمد بن عقى على أيت يس والشيخ أحمد أمُحمد على أيت لحسن أرح والشيخ لحسن أبن زعرض ‘لى أيت معنان فهاذا فخض أيت وفخض أيت أمار وعلى الحمالين المذكورين تحملوا للمقدم المذكور على الروضة المذكورة يكون في درجةعالية عندهم وعلى غيرهم ما يحلفه أحد ومن كسر عليه الوقر… بخلاف الكتاب والسنة فتلزمه العقوبة ينتصف بمثل ما ينتصف الذي يهتك حرمة المسجد الملقب بثمانية عشر ضامنا بوفقهم ورضاهم على هذا كله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ومن مات من الحمالين … فلورثه وراءه … طال الزمان أم قصر فمن عظم حرم … نال خيرا كثيرا دار الدنيا، اجرا عظيما في الدار آخرة ومن … عليه بالنهب والسرقة وسلب الأموال والأولاد والدور والأرض وما يتصل بها من الشجر فيجتمعون عليه الحمالين المذكورين وينتصفونه بمائة مثاقيل وحرق خيمته ومن كسر الماء على أحد يعطي عشرة مثاقيل ومن تخاصم مع أحد وتنفس عليه أحد يعطي مائة مثاقيل بالسكة القديمة ومن رجع في ذبيحته تلزمه العقوبة ومن دخل الحرم وقتله أحد …. به بالحديد أو بعصات أو غير ذلك ينتصف بما في رسم ثمانية عشر ضامنا ومن رقد من الحمالين المذكورين يحفر له القبر كقبر … اليهود قبح الله رأيهم لا كلام له بين أقرانه لا تزوج بنته ولا يسمى عند العامة إلا بأَمْعِوَرْثْ واسمه سلوم بن شمعون وحدود حرم المذكور كركور مولاي علي بن اعمر نفعنا الله به أمين ومن الأسفل الوادي الكبير ومن كركور مولاي علي بن اعمر واضرب قواما واقطع الواد الكبير إلى رأس الكدية التي فيها الرصفة وسر مع الرصفة إلى الرقبة التي فيها الطريق واهبط قواما واقطع الوادي إلى عين الماء بإزاء أفتيس واطلع لثسمنث المنسوبة لِعُمَرْ مع الجرف وسر مع الجرف إلى الشعبة التي فيها السد المار للسيد لحسن بن مخشون واطلع قواما إلى عش النسر مع الجرف وسر مع الجرف إلى الكدية … على تغزوت موسى واهبط من الكدية قواما إلى الكركور المذكور أولا. كل ذلك بوفقهم ورضاهم وعرفهم في أواخر شهر الله رجب الفرد عام تسعون وما ئتين وألف صح به عبد ربه تعالى (شكا خط يد الكاتب محمد بن لحسن ) وعبد ربه تعالى مولاي عبد القادر بن سعيد رب الزاوية وولده مولاي مَحمد بن عبد القادر رب الزاوية
الحمد لله نسخ الناسخ الرسم أعلاه لقصد الحاجة لكونه تمزق وطار شيء من أطرافه وخاف عليه من الضياع والفساد عبد ربه تعالى (شكل وعلامة خط يد الناسخ ربما يوسف بن الحسن الحسني)”
وبغض النظر عن الجوانب الشرعية لذلك، فهذه خاصية من خصائص المجتمعات والتجمعات المنتسلة من أحفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* لغة المنظومة الزجلية المنسوبة لسيدي لحسن والمشهورة بــ”دعاء سيدي لحسن”، والتي ندرجها في المقطع الخاص بالمنتوج الفكري لهذا الولي الصالح. وهي اللغة العربية، مما يؤكد الأصل العربي لناظمها، وبالتالي يدفع في اتجاه ترجيح انتسابه إلى الأصل الإدريسي.
* الرقصة التراثية التي قيل أنها كانت تحيى بها حفلات ايت مخشون في الماضي قبل أن يتحولوا إلى رقصة “أحيدوس”. وبحسب ما قال المرحوم السيد علي أحمو أفتيس السالف الذكر، فقد كان من سبقهوه يوصفون تلك الرقصة بأنها كانت تؤدى بالبنادق. وبذلك، يمكن القول أنها ربما تكون إحدى الرقصات المشهورة في لحد الآن في المناطق الشرقية المغربية كرقصة ” المنقوشي” أو “الرچادة” أو” النهاري”، مما يقوي مرة أخرى جانب فكرة ارتباط أصل أيت مخشون بالجهة الشرقية.
جــ – الحاجة إلى المزيد من البحث والتمحيص:
إن الاستنتاج المتعلق بثبوت النسب المخشوني الإدريسي، لا يعني أننا قد وجدنا جميع الحلول للإشكاليات التي تطرحها المسميات المختلفة التي تطلق على سيدي لحسن. فكما سبقت الإشارة إلى ذلك، فهذا الولي ينسب تارة إلى “مخشون” وأخرى إلى ” سعيد”، ومرة إلى ” مسعود”، ثم، كما اكتشفنا مؤخرا، إلى” الحاج بلقاسم”. كما نجد كذلك أنه يرفع، في بعض الأحيان، إلى أولاد، أو أبناء، أو أيت أحمد بن علي، أو أعلي. إضافة إلى ذلك، فهو ينعث ويوصف بــ” السغروشني”.
وهكذا نكون أمام عدة احتمالات بخصوص الانتساب الصحيح لسيدي لحسن، وبالتالي، لا نستطيع لحد الآن الحسم في الأمر بصفة قطعية وإن كانت الرواية الشفهية التي تعززها الشهادة المسموعة من أحفاد سيدي محمد بن أحمد المكنى بغراس الخيل، هي الأكثر رجاحة.
وسنحاول في المقاطع الموالية مناقشة هذه الاحتمالات.
فيما يتعلق بالانتساب إلى “مخشون”:
كلمة “مخشون” تعني لغة، الزهد، والقوة، والغلظة، والخشونة. وهي إسم مفعول مشتق من فعل “خَشُنَ، أو خَشِنَ”. وقد ألحقت بها جل الوثائق المذكورة أعلاه، ولاسيما القديمة منها، إسم الولي الصالح ، الذي نحن بصدد الحديث عنه، باستعمال أداة الانتساب المعروفة بــ” بن”، مما يدل على أن “مخشون” إسم علم وليس لقب. وما يؤكذ ذلك ما جاء في آخر النظم الزجلي المنسوب لسيدي لحسن والمشهور، على الخصوص، بـــ “دعاء سيدي لحسن”، حيث قال:
“… من كرش نكل ونجوع هو وعمري مقرون
واسمي لحسن بن مخشون وأيامــــــي بالعددي…”
وتبعا لذاك، قد يقول قائل إن أمر رابطة الأبوة والبنوة بين الإثنين ثابتة إذن ومحسوم في أمرها.
نعم من خلال ما تم الاستدلال به أعلاه، فيمكن الحكم بذلك. ولكن مع ذلك، أليس من المستغرب والحالة هذه، ألا نجد على ما يبدو صدى لإسم ” مخشون” لا في أجداد ولا في أحفاد سيدي لحسن باستثناء ما قاله المرحوم الشيخ علي من أيت مخشون الغرب حول وجود إبن بهذا الإسم لسيدي علي بن لحسن؟ وقد صرح بذلك في معرض جوابه عن استفسار أحد السائلين عن نسبه إلى سيدي لحسن باعتباره عميد أيت مخشون آنذاك. وقد كان ذلك سنة 1986 بمناسبة الموسم السنوي للولي الصالح سيدي لحسن. وهذا ما لم يقل به أحد غير الشيخ المذكور وما لم نقف عليه لحد الآن في أية وثيقة. بل أكثر من ذلك، لم تثبته الوثيقة التي تحدثنا عنها سابقا والتي ترجع نسب سيدي لحسن إلى سعيد بن مخشون. فقد عدت لعلي بن لحسن 8 أبناء لم تذكر من بينهم أي واحد باسم مخشون.
وعلى العكس من ذلك، فإن الأسماء الأخرى مثل محمد، وأحمد، وامحمد، ولحسن، والحسين، وعلي، وسعيد وغيرهم فهي تتردد بكثرة لدرجة يصعب معها أحيانا التمييز بين الابن والأب والجد. فهل إسم ” مخشون” هذا فريد من نوعه في هذا التسلسل النسبي ولم يتكرر؟ ربما!!! على الرغم من أننا نعرف أنه من التقاليد المرعية أن يعوض المرء اسم أبيه أو جده بعد وفاتهما. أم أن ذلك مجرد لقب، كما جاء في بعض الوثائق أوفي بعض الأراء الشفهية ؟ أم أنه، ببساطة، ينتسب لفرع آخر من الفروع أو الفصائل الإدريسية الكثيرة؟ هذه أسئلة ستظل مطروحة طالما لم يتم التوصل إلى أي جواب مقنع حولها.
ومما يزيد الأمر صعوبة، وجود ذكر لكلمات مشتقة من الفعلين السالفي الذكر، كما أشار إلى ذلك متدخلان حول ” تدقيق نسب أيت مخشون” في البوابة الإلكترونية لـ”ديوان الأشراف الأدارسة”، في عدة مناطق مغربية وجزائرية.
فكلمات “المخشانيين” و”مخشان” و”مخشن”، مثلا، ورد ذكرهم بدون تفصيل يشفي الغليل ضمن النسب الشريف في غير واحد من المراجع التي تتحدث عن هذا الموضوع مثل “مقدمة” السيد المريني العياشي، و”مخطوط” إبن فرحون، وإن كان يلاحظ، أنه لم يتم الحسم في ردها إلى فرع واحد من الدوحة الإدريسية الشريفة.
فإبن فرحون مثلا يرفع نسب “أولاد مخشان” تارة إلى “عمران بن إدريس بن عبد الله”. كما هو الحال عند قوله “… واما أولاد صرغين وأولاد وردغين وأولاد مخشان فمنهم في زاوية فجيج ومنهم في الشدقية الحمرا ومنهم في القبيلة الجرفطية ومنهم في قبيلة أهل الشرايف ومنهم في مدينة أصيلة الملاصقة للبحر ومنهم في الحصن حوز جبل العلام ومنهم في القبيلة اليوسفية في مدشر افاسر واسم جدهم عبد الله بن عبد الرحمان بن علي بن محمد بن عيسى بن الحسن بن عمر بن عمران بن ادريس بن ادريس بن عبد الله…” الله” ، وتارة إلى ذرية “أبي القاسم بن إدريس بن إدريس”.
أما الدكتور عبد الهادي التازي فينسب “مخشان لـ” كثير بن إدريس بن إدريس بن عبد الله”، وذلك بحسب ما نقله عنه محمد زلماضي مزالي في مدونته: http://tribus-maroc.blogspot.com/2009/09/blog-post_7990.html ، حيث ذكر:
“…- الشرفاء الكثيريون: نسبة لجدهم الأول، كثير بن إدريس الثاني….
* الشرفاء أولاد الكحيل
…
*الشرفاء أولاد مخشان”.
وهناك من يجعل ” مخشون” ضمن أحفاد سيدي “عبد الله بن إدريس”، على اعتبار أن جد أيت مخشون ينتسب إلى أيت سغروشن. وهذا هو منحى المخطوطات المشار إليها في المقطع الخاص بالتسمية، والتي تنعث سيدي لحسن المذكور على أنه لحسن بن مخشون السغروشني من أولاد أحمد بن علي.
ومهما يكن، فالثابت أن تجمعات بشرية أخرى تحمل نفس اسم “أيت مخشون” توجد حاليا ضمن فروع أيت سغروشن في إيموزار كندر (أي في المنطقة المعروغة قديما باسم ثَارْجَ ثَاوْرَاغْثْ أي الساقية الصفراء)، بالقرب من ضاية عوا، والتي تحمل عائلات منها الإسم العائلي مخشون، وفي قبيلة چروان بإقليم مكناس، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. ولكن لا تعرف علاقتهم بالضبط بسيدي لحسن بن مخشون المتحدث عنه، وإن قيل أن التجمع الأول، أي المتواجد بإيموزار كندر، ربما تكون بعض عائلاته، إن لم تكن كلها، بالفعل من نسل سيدي لحسن بن مخشون.
ومما يؤكد ذلك، ما سمعته شخصيا من عم الوالدة السيد علي بن لحسن السالف الذكر، من أن شخصا من أيت مخشون إيموزار كندر كان يتزاور، أي يتبادل الزيارات مع عائلتي أيت عبد الخالق وأيت الشيخ، وأنه من المحتمل جدا أن يكون من سلالة سيدي سعيد بن سيدي لحسن بن مخشون. كما ذكر بمعرفته بالمسمى قيد حياته بمخشون محمد أعلا ، والذي تعرفت عليه شخصيا والعائلة وعلى زوجته وبناته، خصوصا حينما كان يزاول وظيفته في صفوف القوات المساعدة بثكنة باب المقام بصفرو. وقد استمرت العلاقة المذكورة مع زوجته المرحومة وبناته اللواتي لا زلن على قيد الحياة، وخاصة للا فاطمة وللا محجوبة. وبحسب هذه الأخيرة، وبحسب ما سمعته من عمتي فاطمة بنت امحمد انرز، التي توفت سنة 1988، فإن عائلة المرحوم محمد أعلا ومن معه من ذرية سيدي سعيد بن لحسن بن مخشون، عن طريق سيدي حمو أي امحمد. وقد نزح هذا الأخير إلى منطقة إيموزار كندر، في تاريخ غير معروف. ومنه انتسل سيدي اعمر الذي ترك ولدين هما سيدي حمو وسيدي لحسن. ومن سيدي حمو انتسل سيدي علا الذي خلف أبيها المرحوم سيدي محمد أعلا السالف الذكر.
والمؤكد أن هناك عائلة واحدة تسمى ” البالي” و يعود استقرارها بسوق السبت جحجوح إلى عهد قريب ولم يمت صاحبها وهو سيدي سعيد بن لحسن بن علي بن عاشور إلا منذ حوالي ثلاثة عقود، مخلفا وراءه ولدين هما إبراهيم ولحسن وبنت واحدة هي فاطمة. وقد مات ابنه إبراهيم في بلاد المهجر، تاركا وراءه، حسب ما نعلم، بنتين وأمهما من بلد أٍوبي. أما لحسن فبحسب ما في علمنا أنه لا زال على قيد الحياة لحد الآن وكذلك أخته فاطمة . فهذه العائلة من نسل سيدي لحسن بن مخشون وبالضبط من ابنه سيدي سعيد. والله أعلـــــم.
كما يوجد تجمع آخر يحمل اسما غير بعيد من هذا الاسم في إقليم سيدي قاسم، وبالضبط بالجماعة القروية ” الصفصاف”. ويتعلق الأمر بمدشر”المخاشين”. وإلى هذا الدوار ينتسب السيد محمد النايصة، الذي حضر في السنين الأخيرة إلى أحد مواسم سيدي لحسن باحثا عن أصله ونسبه. وكما سمعنا منه، فإن كبار السن عندهم كانوا يذكرون أن أصلهم من أيت مخشون بتشكث.
كما ذكر أيت مخشون كذلك في مقال تاريخي عن بلدة “تمزوروت”، بدائرة “فم زچيد” نشر على مدونة (http://tamzaourout.montadalitihad.com)، ثم تم اقتباسه من طرف موقع
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%B2%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%AA. ومما جاء فيه “…حسب الروايات الشفوية يرجع الفضل في اختيار هذا الموقع إلى الوالي الصالح ” سيدي الحسن اعلي “الذي ينحدر من “مواس ” ويقطن ب “تسلالوت “كان هذا الصالح يدعو كثيرا لأهل البلدة بالخير والصلاح … كما تم إنشاء عدة أبواب كبيرة لكل باب اسم خاص، مثل باب “أمين الدرب نايت ابرايم ” يطل على جبل باني على أيت مخشون. وباب “أمين الدرب نايت مخشون…”
إضافة إلى ذلك، فقد تمت الإشارة إلى المذكورين أعلاه في وثيقة أخرى وصلتنا نسخة من السيد لحسن بن محمد بوطلوست، الذي ننتهز هذه الفرصة للتعبير له عن شكرنا وتقديرنا. وهي عبارة عن نسخة مصورة لمطبوع على الآلة الكاتبة يتكون من 9 صفحات يظهر أنه استنسخ بالآلة الكاتبة من طرف احد المترجمين المحلفين بمدينة فاس من أصل لا نعرف عنه أي شيء، لا أصله و لامصدره. والغالب أن ذلك قد تم لفائدة شخص من حفدة الولي الصالح سيدي صالح.
ومما جاء في ذلك المطبوع، بعد البسملة والصلاة والسلام على رسول الله ما يلي:
قال الشيخ الإمام العلامة الهمام سيدي محمد السيوطي المكناسي رضي الله عنه، هذا كتاب التحقيق في النسب الوثيق في ءال رسول الله صلى الله عليه وسل”. ثم شرع في ذكر أجداد رسول الله صلى الله عيه وسلم، ثم الصحابة العشرة رضي الله عنهم أجمعين، ثم أزواجرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أولاده صلى الله عليه وسلم، قبل أن ينتقل إلى سرد بعض الفروع الإدريسية بإيجاز قبل أن يصل إلى “نسل مولانا سليمان بن اعمر يقال لهم اولاد صالح بن مولانا المهدي”، حيث أسهب فيهم إسهابا ملحوظا. ثم تعرض بعد ذلك إلى “…القبائل الذين ينسبون الى مولانا علي بن عمر ومولانا سليمان بن عمرو هم ايت شغروشن وهم مجموعون من القبائل بعض منهم من العرب وبعض من البربر وبعض من الحراطين وكلهم اولاد جالوت لا نسب لهم في الشرف سوى من ذكر اجدادهم اعلاه من مولانا علي بن عمرو مع اخيه مولانا سليمان قيدوا في الاجازة كلهم خوفا من تخليط نسبهم وسيأتي ذكرهم في اخر الكلام ان شاء الله…”. وبعد ذلك، انتقل إلى سرد الإجازات التي قال إنها أجازت وأشهدت على صحة ما جاء في تلك الوثيقة، حيث كتب ما يلي:
” الحمد لله يشهد بصحة ما ذكر اعلاه عبد الله بن احمد بن محمد بن جزي في ربيع الاول عام ثمانية وسبعين وسبع مائة الحمد لله قوبلت من اصلها مماثلة ويشهد بصحة المقابلة والمماثلة الامام قاضي القضاة عز الدين ابو القاسم العقباني التلمساني في التاريخ اعلاه الحمد لله اعلم باعمال الاعلام والقبول التام عبيد ربه احمد بن محمد بن مرزوق عام احدى وثمانين وسبع مائة الحمد يشهد بصحة ما ذكر اعلاه عبيد ربه تعلى محمد بن عبد الرحمان بن ابي بكر بن سليمان الحسني الشوسي الجزولي عام احدى وستين وثمان مائة الحمد الله يعرف شاهده قاض القضاة وهو الشيخ الزاهد القطب الرباني سيدي محمد بن عبد الرحمان اعزه الله فعرفنا به وبخطه الاندلوسي المراكشي الحمد لله اعلم باعمال الاعلام عبيد ربه عبد الواحد الونشريسي مع ابي القاسم خجور الحمد لله نشخة من امها حرفا من غير زيادة ولا نقصان عام مائة وثلاثة واربعين وصلى الله على سيدنا محمد واله “.
وقد ظن محرر الوثيقة المذكورة، أنه بهذا الإشهاد وهذا التصرف سيعطي لما كتب وأضاف مصداقية وستنطلي بذلك الحيلة على الجميع ويسلمون بذلك ما دامت أنها قد قدمت باسم السيوطي المكناسي، ناسيا، عمدا أو غباء، أن من قدمهم كشهود على صحة ما ورد في محرره، قد ماتوا قبل ولادة كثير من الأشخاص والتجمعات البشرية المشهود عليها. وبذلك، يكون قد وقع في تناقض وتعارض عظيمين.
وعلى ذكر السيوطي، يجدر بنا أن نشير إلى انه كان حيا سنة 778 هجرية. وقد قال عنه بعض الدارسين أنه مجهول، وأن مؤلفه محشو بكثير من الأنساب التي لم يكن لها أي وجود في زمانه المفترض، أي القرن الثامن الهجري.
وبعد ذلك، اختتمت الوثيقة المعنية بسرد القبائل والفروع التي نعتتها بأنها أرادت الانحياش في قبيلة أيت سغروشن، وذلك كما يلي:
” قف على نسب من اراد الانحياش في نسب مولانا علي بن عمر ومولانا سليمان ابن عمر نفعن الله بهم من القبائل الذين يسمون عند من لا يعرفهم بالشغرشنيين مع أنه فيهم حراطين والأعراب وأهل جير وأهل السواحل وهم قبيلة يسمون بخصال الجمال وقد وجدنا ما ذكر في تأليف خاص بهم وأما شرفاؤهم فلهم تأليف خاص بهم نفعن الله بهم أما من لا نسب لهم فأولهم … واما ايت مخشون من بلد سكورة حوز تاغروت لا نسب لهم فيها …”.
فإذا كان ما في هذه الوثيقة الأخيرة صحيحا ولم تعبث بها الأيادي، فبظهر أنها قد كتبت في عهد أسبق بكثير عن حلول سيدي لحسن بالمنطقة. فبداية تواجد هذا الأخير بالمنطقة، من المرجح، أنها لم تتم قبل عقد أو عقدين من بزوغ فجر القرن الحادي عشر الهجري. وهذا الاحتمال له ما يبرره. ذلك أن وفاته قيل عنها في إشهاد مؤرخ في 1151 هجرية أنها قد وقعت قبل ذلك التاريخ بأكثر من ثلاثين سنة.
والمؤكد أن سيدي لحسن لا زال حيا في سنة ألف ومائة وأربعة وعشرين هجرية بحسب وثيقة أخرى مؤرخة في ذلك التاريخ.
وبناء على هذا كله، فالمستنتج أن أيت مخشون الوارد ذكرهم في الوثيقة التي نحن بصدد الحديث عنها، إما أنهم قوم آخرون أقاموا في المنطقة لفترة ثم رحلوا عنها إلى وجهة أو وجهات لا نعلمها، أو أنهم هم نفسهم أيت مخشون الحاليين، ولكن تم حشرهم لاحقا في تلك الوثيقة حشرا. كما قد يكونوا هم “المخشانيين” الذين قال عنهم العياشي المريني في “مقدمته حول الأنساب الإدريسة”، أنهم ممن نزحوا عن فجيج نحو الشمال.
وهذا الأمر الأخير غير مستبعد لأنه، بحسب ما ذكره السيد رمضان مصباح الريماوي في إحدى مداخلاته حول “تدقيق نسب أيت مخشون” على صفحات ديوان الأشراف الأدارسة، فقد استفسر أناسا من فجيج عن احتمال تواجد بقايا لأيت مخشون حاليا في مدينتهم أو في منطقتهم، فأجابوا بالنفي. ولكن، أشاروا إلى أنه كانوا هناك بالفعل في الماضي قبل أن ينزحوا عنها إلى بلاد زيان. ومن المعلوم أن زيان قبيلة أمازيغية واسعة الانتشار وأن قطب رحاها حاليا هو مدينة خنيفرة. (أنظر مثلا موقع https://fr.wikipedia.org/wiki/Zayanes)
ومن يدري قد يكون أيت مخشون المتواجدين في قبيلة جروان بضواحي مدينة مكناس من بقايا أولئك المخشونيين النازحين من فجيج. ومما قد يقوي هذا الاحتمال، ما ذكره أحد أعضاء ديوان الأشراف الأدارسة السيد بوسنزم في إحدى مداخلاته حول موضوع ” تدقيق نسب ايت مخشون”. فبحسب ما أفاد به، فقد استفسر بعض المخشونيين الجروانيين عن أصلهم وعما إذا كانت لهم صلة بأولاد سيدي لحسن بن سعيد بن مخشون، وبالنسب الشريف بصفة عامة، وعما إذا عرفوا بأن هناك أيت مخشون من الأشراف. فأجابوه أنهم نزحوا إلى جروان من نواحي خنيفرة من لقباب، وأنهم يجهلون أي انتساب لهم للأشراف. كما قالوا أنهم يعرفون فعلا أن هناك أيت مخشون مرابطين. وقد علق السيد بوسنيزم على هذه الإفادة الأخيرة بأن كلمة ” المرابط” يمكن أن تطلق على الشريف وعلى غير الشريف إذا كان من المرابطين للجهاد أو المنقطعين للعبادة رباطا في سبيل الله.
وفي نفس السياق، فقد جمعتنا الفرصة بأحد المخشونيين “الجروانيين”، والذي يتخذ من بلدة ما يعرف بــ”الكنتينة” أو “أيت يعزم” بضواحي مدينة مكناس، فتجاذبنا أطراف الحديث حول أصل ايت مخشون الموجودين بقبيلة جروان، وبالضبط في المكان المعروف بــ”السبت جحجوح”، فذكر أنه من المعروف عندهم أنهم قد أتوا من إيمزار كندر، ولكن المرجح لديه أن أصولهم تعود من قبيلة “إشقيرن”.
ومن المعلوم أن إشقيرن قبيلة كبيرة أو كنفدرالية متكونة من قبائل منها قبيلتي أيت إسحاق وأيت إحند. وقد كانت تعد تاريخيا ضمن فدرالية أيت أومالو، مثلها في ذلك مثل القبائل الأخرى المكونة لهذه الفدرالية ومنهم قبلة زيان بتفرعاتها. ولمن أراد المزيد عن هذه القبيلة فليتصفح مثلا الرابط التالي: https://fr.wikipedia.org/wiki/Ichkern
وعلى هذا، فيمكن لنا أن نتساءل هل ما جاء في تلك الوثيقة ” المحلفة”، أي المستنسخة من قبل محلف، من إنتاج السيوطي أم من غيره وتم توظيف اسمه فقط للتغطية والتمرير وإضفاء نوعا من “المصداقية” على ما أضيف؟
ربما الاحتمال الثاني هو الأقرب للصواب. ذلك، أنه، وعلى الرغم من تعدد النسخ المحسوبة على المخطوط السيوطي المذكور، فلا وجود لذكر لأيت مخشون ولا للقبائل والفروع التي ذكرت معهم ولا حتى لجزء كبير مما خصته تلك الوريقات لسيدي صالح في النسختين اللتين تمكنا من الاطلاع عليهما من مخطوط السيوطي واللتين توجدان في كل من الخزانة العامة للملكة وفي خزانة علال الفاسي. وقد تمكنا من ذلك، بفضل الله، ثم بفضل العضوين البارزين، السيد محمد الإدريسي “أبو غسان الإدريسي”، والسيد عبد المالك زروقي الخبازي الحمزاوي، اللذين زودا مشكورين ديوان الأشراف الأدارسة بنسختين من تلك الوثيقتين.
وفي الأخير، وبناء على ما سبق، يمكن لنا أن نتساءل تساؤلا آخر، هل هناك عدة فروع تتضمن تفرعات بأسماء مشقاة من مادة ” خشن، يخشن…” ؟ أو مجرد أسماء مختلفة لفرع واحد يتم تحريفها بحسب المكان والزمان ؟
فيما يخص الانتساب إلى “أيت سغروشن”:
نظرا لكون هذا البحث ينصب أساسا على التعريف بأيت مخشــــون، فسوف نقتصر فقط على النظـــر في “السغروشنية” المحتملة لهذا الفرع دون الإلتفات لغيره من الفروع الأخرى. فالخوض في هذا الأمر ليس بالأمر الهين أمام قلة، إن لم نقل، انعدام المصادر الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها لفهم تاريخ هذه المنطقة وتشكيلاتها البشرية. فعلى ما يظهر، فالمنطقة التي يتواجد فيها أيت سغروشن سيدي علي، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، من أكثر المناطق المغربية التي لم تنل حظها من التوثيق، ولا نصيبها من اهتمام المؤرخين والباحثين.
وعلى ما يبدو كذلك، فباستثناء بعض الإشارات الطفيفة الواردة في معرض الحديث عن الإجراءات الزجرية والأمنية التي اتخذت ضد “بلاد السيبا”، في عهد الدولة العلوية، وبالأخص تحت حكم السلطان مولاي إسماعيل (أنظر مثلا في كتاب “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى”، للمؤرخ أحمد بن خالد الناصري)، فلا يوجد شيء يخص تلك المنطقة، لا قبل فرض نظام الحماية سنة 1912 ميلادية، ولا بعدها، اللهم ما ذكر عنهم في بعض التقارير الاستخباراتية الاستعمارية والمذكرات الشخصية لضباط استعماريين بعد إحالتهم على المعاش.
وأمام هذا الفراغ في التوثيق، لا يبقى للمهتم إلا النبش في الوثائق الموروثة لبعض الأسر والعائلات من المنطقة، والتي ليس من السهل الوصول إليها، أوالاستعانة بما تناقلته الألسن عبر الأجيال حول أنساب الفروع السالفة الذكر مع ما يستوجب ذلك من حذر في تناول تلك الوثائق والروايات.
فـ”المشجرات النسبية”، التي تستطيع أن تحل الاشكاليات النسبية الخاصة بساكنة قبيلة أيت سغروشن سيدي علي، إما أنها غير متوفرة أو مفقودة، أومبتورة، وهذا على ما يظهر هو الأعم، أو غير “موضوعية”. أما الروايات الشفهية غالبا ما تطالها المبالغات في تبجيل الأسلاف والحط من الخصوم، وعدم الدقة في ذكر الأحداث والوقائع وضبط الأسماء والمسميات والتواريخ وما إلى ذلك.
وانطلاقا مما سبق، فالانتساب المخشوني إلى قبيلة أيت سغروشن سيدي على، قبليا وإداريا لا غبار عليه. وهذا ما يدل عليه الواقع المعاش والعلاقات التي تربطهم بباقي مكونات القبيلة المعنية وبالسلطة الإدارية التي تنضوي تحتها. ويمكن تفسير ذاك من الوجوه التالية:
الوجه الأول، أن يكون ذلك الانتساب فعلا “انتساب سلالي”، أي منحدر من أب سغروشني ولكن من فرع آخر غير فرع مولاي علي بن عمرو، لأن نفي انتساب أيت مخشون لهذا الأخير يكاد يكون قطعيا. وهذا غير مستبعد، سيما إذا سلمنا بالرأي الذي يرفع النسب السغروشني إلى أحد أجداد مولاي علي بن عمرو، وبالضبط إلى سيدي محمد الملقب بـــ”بوركوة”، كما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل. وما يقوي من رجاحة هذا الاحتمال، ما دأبت عليه الوثائق المذكورة من إنساب سيدي لحسن إلى “مخشون السغروشني من أولاد أحمد بن علي”. فهل يكون أحمد بن علي هذا هو نفسه حفيد سيدي محمد بوركوة، أي الجد الخامس لمولاي علي بن عمرو؟ ربما. ولكن هذا يتعارض مع:
. المتواثر شفهيا من رفع نسب جد أيت مخشون، سيدي لحسن، إلى سيدي محمد بن أحمد المكنى غراس الخيل، وما جاء في مخطوط وجد ضمن موروثات عائلتنا ومنسوب لكاتب يدعى الإمام محيي الدين الشيخ الولي الصالح أبوا زكرياء يحيا بن عبد الله بن بكار والمسمى ” الأنيس في نسب مولانا لحسن بن سعيد بن سيدنا مخشون من نسل ءال مولانا ادريس”؛
. ما هو معروف لدى أحفاد سيدي محمد بن أحمد المكنى بغراس الخيل. فبحسب ما سمعناه من أفواه بعضهم بمناسبة زيارتنا إلى ديارهم يوم الجمعة 6 نوفمبر 2015، فإن سيدي لحسن خرج من أنوال وتوجه إلى قبيلة مرموشة. وهو إبن سيدي الحاج بلقاسم بن محمد غراس القوم بن سيدب محمد بن أحمد الملقب بغراس الخيل.
– الوجه الثاني أن يكون سيدي محمد بن أحمد الملقب بغراس الخيل هذا هو الآخر من السلالة السغروشنية، وإن كان هذا مخالفا لما ترسخ لدى حفدة هذا الأخير حيث ينفون عنهم أية علاقة بأيت سغروشن.
– الوجه الثالث، أن ينسب أيت مخشون إلى أيت سغروشن من باب التحالف والولاء أو من باب إطلاق إسم المكان على من استقر به ولو لم ينتسب إليه أصلا. قد يكون ذلك هو الأرجح لولا أن هذا الوصف قد أطلق على سيدي لحسن، على الأقل، منذ سنة 1124 هجرية تاريخ تحرير أقدم وثيقة متوفرة لدينا تذكر هذا الانتساب.
ومن المعلوم أن في ذلك العهد، أي في بداية القرن الثاني عشر الهجري، لا زال ما سيسمى لاحقا بـــ”قبيلة أيت سغروشن سيدي علي” في طور التشكيل. فعدد أفراد نواتها، مثلا فيما يخص أسرتي الحليفين سيدي علي بن يحيى و سيدي لحسن لا زال لم يصل بعد إلى الحد الذي يمكن أن يعتد به كقبيلة يمكن أن يطمع أحد في الدخول تحت ولائها وحمايتها. ثم إذا كانت تلك النسبة بسبب الولاء وطلب الحماية، فإن سيدي لحسن لم يكن آنذاك في حاجة للاحتماء، لأنه ببساطة مقيم مع قبيلة بني أيوب، التي آوته وصاهرته وملكته أرضا هناك، وبالتالي مع حلفائها.
زد على ذلك، أن هذه النسبة، أي “السغروشني”، قد أطلقت في وقت لا نتوفر على ما يثبت التقاءه بحليفه فيما بعد سيدي علي بن يحيى. علما بأن مسار هذا الأخير، أي الطريق الذي سلكه للمجيء إلى المنطقة، وكما هو متواتر شفهيا، ليس نفس المسار الذي سلكه سيدي لحسن. فالأول قدم من فاس، أي من الغرب. ثم مر بعدة محطات وأماكن قبل أن يستقر به المقام في مرتفعات “تشكت”، التي اتخذ منها موطنا، كما تدل على ذلك آثاره التي لا زالت بارزة إلى يومنا. في حين أن الثاني قد أتى من الشرق.
الوجه الرابع، أن إطلاق ذلك الوصف أو النسبة قد يكون بسبب وفود سيدي لحسن من منطقة مشهورة بكون أغلب سكانها من “أيت سغروشن”، إلى درجة يعتقد أن كل من وفد منها يعد هو الآخر سغروشني. وكما هو معلوم، فـ “أنوال” يوجد في دائرة الموطن الأصلي المفترض لأيت سغروشن. وقد يكون ذلك قد سبب خلطا لمن وصفه بذلك الوصف لأول مرة فظن أن سيدي لحسن “سغروشني” بالفعل ثم ترسخت بعد ذلك الفكرة في رأسه وفي رؤوس من أخذوا عنه ذلك مع مرالزمان.
وفيما يرجع للانتساب إلى أولاد أحمد بن علي:
فهذا الانتساب الذي ورد ذكره في الوثائق المومأ إليها أعلاه، لا يختلف إشكاله عن إشكالي الانتساب إلى مخشون وسغروشن. فالحديث عن أولاد أحمد بن علي متشعب، مما لا يساعد على الخروج من الخوض في الحديث عنهم بأية نتيجة يمكن الركون إليها. فقد ورد ذكرهم في مواطن كثيرة وفي وثائق عديدة.
فهم ضمن فروع “الوداغير” كما جاء في كتاب “مصابيح البشرية في أبناء خير البرية” للسيد الشيباني، و كتاب “الدر النثير…”، وكتاب “بهجة الأبصار”. كما ذكرهم مخطوط “إبن فرحون” ضمن من ثبت شرفهم بأفرنوا”…وثبت أيضا شرف … أولاد أحمد بن علي بأفرنوا الأعلى من البلدة المذكورة… ووافقه على ذلك مولانا إسماعيل نصره الله وهداه”.
ومما جاء في الصفحة 50 من كتاب ” الدرالنثير فيمن اشتهر من شرفاء الوداغير”، لأبي عبد الله محمد بن بن الحسن الشريف الودغيري المخلوفي ( طبعة 2003)، الذي قام بمراجعته الأستاذ المهندس العربي هلالي وأضاف إليه ملحقا ما يلي:
“أولاد أحمد بن علي أحد الفرق الأربعة المنتسبة إلى أولاد مخلوف في قصر الوداغير”.
كما جاء في الصفحة 133 من نفس الكتاب في الجزء المكون للملحق، ” …يمكن حصر شعب الودغيريين في خمس مجموعات مختلفة الأحجام.
المجموعة الأولى: وتتفرع من عيسى بن عبد الرحمن الودغيري.
المجموعة الثانية: وتتفرع من علي بن مناصر بن عيسى بن عبد الرحمن الودغيري.
المجموعة الثالثة: وتتفرع من امامة بن علي بن مناصر بن عيسى بن عبد الرحمن الودغيري.
المجموعة الرابعة: وتتفرع من عبد الحميد بن امامة بن علي بن مناصر بن عيسى بن عبد الرحمن الودغيري.
المجموعة الخامسة: وتتفرع من عبد الله الشريف بن عبد الحميد بن امامة بن علي بن مناصر بن عيسى بن عبد الرحمن الودغيري”.
وبعد هذا الجرد للمجموعات المكونة للودغيريين، انتقل الكاتب إلى تفصيل كل مجموعة على حدة، مبينا فريعاتها وأغصانها. فعد من بين فروع المجموعة الثانية المخلوفيين. وعنهم قال في الصحة 137، “- المخلوفيون. ويعدون من أكثر الفروع الودغيرية انتشارا ، سواء على مستوى فجيج أو خارجه .
وهم حفدة الشريف يخلف بن خلف الله بن عبد القادر بن طاهر بن عبد الله بن عبد الله بن علي بن مناصر بن عيسى بن الأمير الشيخ مولاي عبد الرحمان الودغيري الجد الجامع لكافة الفروع الودغيرية ويمكن تجميعهم في الفرق اللآتية:
* آل الشيخ علي بن عبد الله بن علي بن أحمد بن موسى بن عمر بن بشر بن نبوط بن الشيخ سعيد الملقب بعدي بن يخلف بن خلف الله بن خلف الله بن عبد القادر بن طاهر بن عبد الله بن عبد الله بن علي بن مناصر بن عيسى بن الأمير الشيخ مولاي عبد الرحمان الودغيري ،وأفخاذهم هـــي :
** أولاد أحمد بن علي .
** أولاد محمد بن علي .
………………………”.
كما يوجد إسم أحمد بن علي ضمن التسلسل النسبي الخاص بالشرف السغروشني. وهو حفيد سيدي امحمد بن سعيد الملقب ببوركوة الذي قيل أنه الملقب الأول بالسغروشني الذي ينتسب إليه أيت سغروشن، وذاك كما جاء في كتاب ” الدرر السنية في أصل السلالة العمرانية الشغروشنية والسبعية” لمولاي أحمد بن الحسن السبعي الصادرة عن المطبعة العصرية لصاحبها الحاج إدريس بوعياد بفاس بدون تاريخ. وإلى جانب هذا، يلاحظ وجود اسم “أحمد بن علي” ضمن التسلسل النسبي لعدد من الفروع والتفريعات الإدريسية. كما يرد ضمن مسميات عدد من الأماكن المغربية والجزائرية.
كما جاء ذكر أحمد بن علي كذلك في “مخطوط التحفة القادرية في التعريف بشرفاء وزان” لصاحبها الإمام أبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي الفهري (988 -1052 )هجرية ضمن أحفاد مولاي عبد السلام بن مشيش، وبالضبط من ابنه علال، وذاك كما يلي:
” سيدي أحمد بن علي ابن أحمد بن علي بن عيسى بن علي بن سعيد بن عبد الوهاب بن علال بن عبد السلام بن مشيش واسمه سليان بن أبي بكر بن علي بن حرمة بن عيسى بن محمد بن سلام بن مزوار بن حيدرة واسمه علي بن محمد بن إدريس بن إدريس…”
وفيما يخص الانتساب لسيدي محمد بن أحمد المكنى “بغراس الخيل”:
قبل التعرض لذلك، يجدر بنا أن نقول كلمة حول سبب تلقيب سيدي محمد بن أحمد بــ” غراس الخيل”.
باختصار شديد، يحكى أن فرسانا أعداء قد أغاروا على موطن سيدي محمد بن أحمد بأنوال بخيولهم. فلما تراءى له المهاجمون، أشار إلى ابنه سيدي محمد، الذي كان يلعب بجانبه وهو لا يزال صبيا وبيده عودا (عصا) ، أن أغرس العود في الأرض قائلا: ” إغرس ألغراس”. فلما غرز الصبي العود في الأرض، غاصت قوائم خيل المغيرين في التراب ولم تستطع التقدم. فثب الرعب في نفوسهم، فندموا على ما فعلوا وطلبوا الصفح والعفو وقدموا الاعتذار، والضمان على عدم تكرار فعلتهم. قبل سيدي محمد اعتذارهم وأكرمهم. ومنذ ذلك الحين أصبح يكنى بكنية ابنه سيدي محمد غراس القوم، أي ” غراس الخيل”.
أما فيما يخص الرواية الخاصة بانتساب سيدي لحسن إلى هذا الوالي، فلها مصدران:
*مصدر شفهي مشهور ومتداول بين عدد من الناس من أحفاد سيدي لحسن ومن غيرهم؛
* ومصدر مكتوب على شكل مخطوط مستنسخ مشجر نسبي سبقت الإشارة إليه.
فأما الرواية الشفهية، فهي باختصار تذكر أن سيدي لحسن قد نزح من بلدة أنوال على إثر سوء تفاهم بينه وبين جده سيدي محمد بن أحمد المذكور، إلى الشمال مرورا بمنطقة ميسور وأوطاط الحاج، ثم بالمنحدرات الشرقية لجبال الأطلس المتوسط، وصولا إلى قبيلة بني أيوب ببلاد تامغيلت، التابعة حاليا لجماعة تالزمت، بلدية إيموزار مرموشة، إقليم بولمان. وقد تزوج من عين المكان وتملك أرضا لازالت لحد الآن تعرف بأرض أمخشون، على الرغم من انتقال التصرف في جزء منها حاليا إلى أحد أبناء مولاي عبدالله من فرع أيت أحمد بن امحمد ابن الولي الصالح سيدي علي بن يحيى. ولا زالت توجد ضمن موروثات عائلتنا وثيقتان. الأولى خاصة بإثبات ملكية أرض خاصة بسيدي لحسن يشهد فيها 12 فردا أنه كان يتصرف فيها لأكثر من ثلاثين سنة خلت من تاريخ موته، قبل أن تنتقل لإلى أولاده. وقد حررت تلك الوثيقة في1151 هجرية. والثانية متعلقة بشراء ابنه سيدي علي أرضا هناك في تمغيلت كذلك مؤرخة في 1148 هجرية. تمغلت. وحسب ما أفاد به جار لي في مدينة تمارة وهو من أيت أيوب، فإن الجزء الذي لم تستولي عليه العائلة المذكورة، لا زال لحد الآن يعرف باسم ” إِيْرْ أمخشون” ، أي حقل المخشوني. وهو غير مستصلح ولايستغل.
وبعدما مكث مدة غير معلومة بتمغلت، رحل عنها غربا نحو منطقة سكورة، على ما يبدو للانتجاع، وذاك قبل أن يستقرفي المنطقة التي تأوي الآن ضريحه. وقد كانت له عداوة مع قوم كانوا يعرفون بــالمنطقة بــ” أيت معزوز”، قبل نزوحهم عنها إلى وجهة غير معروفة.
هذا باختصار شديد ما تناولته الألسن حول ورود سيدي لحسن إلى المنطقة. كما نسبت له عدة كرامات ووقائع، ربما قد نعود إليها في وقت من الأوقات.
وأما فيما يعود للمصدر المكتوب، فقد سبقت الإشارة إليه من قبل في الجزء المخصص للتسمية. ولذلك نكتفي بما كتب عنه هناك. ولكن هذا لا يمنع من التذكير بأنه يوافق الرواية الشفهية في إرجاع أصل سيدي لحسن إلى بلدة أنوال، وبالضبط إلى سيدي محمد بن أحمد. وهذا ما تم تعزيزه بشهادة الشاهد التي وثقناها من أنوال بمناسبة الزيارة التي تمت إلى هناك، والتي تم الحديث عنها فيما سبق.
وفي نهاية هذا المقطع، لابد من الوقوف على شهادة السيد صفوان، الذي لم أتمكن من التعرف على أصله وإلى أي جهة من مغربنا الحبيب ينتسب وذلك على الرغم من استفساره كتابة عن ذلك، بخصوص علاقة سيدي لحسن ببلاد أنوال. ومما قاله في إحدى مداخلاته، وهو بالمناسبة أحد أعضاء الديوان المذكور المحترمين، ما يلي” بين يدي نسخة من شجرة إدريسية نسختها من شجرة كانت في كتيب صغيرقدمها لي احد الادارسة عندما كنت اشتغل بالجنوب الشرقي للمغرب. وهي تهم الخليفة سيدي محمد بن الامام مولانا ادريس باني مدينة فاس.ولما كنت اقراما كتبه ابو عبد الله المخشوني عن الولي سيدي لحسن بن سعيد بن مخشون اثارتني الاسماء الواردة في الوثيقة التي اوردها والتي تربط بمولاي عبد السلام بن مشيش سواء قبله او بعده فوجدتها نسبيا متطابقة. وقد وردت فيها اسماء عبد الواحد وعبد الكريم واحمد وابو بكروعلي وعيسى وسلام. في نفس الوقت اشيد بالمجهود.. كثيرا ما سمعت من اجدادي رحمهم الله ان سيدي لحسن بن مخشون يرجع في نسبه الى منطقة انوال قرب تالسينت بالظهرة وانه هاجرمنها. وحسب ماهو معلوم فادا كان ينتسب الى سيدي محمد بن احمدغراس الخيل الذي عاش في القرن العاشر رفقة الولي سيدي ابوالطيب بن يحيى الميسوري الذي توفي عام 988هجرية والذي قال له ( الحرث في ميسور والبركة في انوال) ورفقة سيدي بلقسم ازروال فان سيدي لحسن سيكون من احفاده بناءعلى التواريخ الواردة في الوثيقة التي ذكرتها وهي 1124 الى1148″.
لحسن بن محمد انرز
( يتبع …)